لقد اخترع الإنسان الأول النار ,وأهل الحصان ,وصنع العجلة ,وبنى الأهرام ,وابتكر حروف الهجاء ,وأنشأ البوصلة والاسطرلاب ,ولكن الإنسان الحديث اكتشف البخار ,وصنع القطار ,واستأنس بالكهرباء ,واخترع الآلة الحديثة والآلة التي تصنع الآلات : أبدع السيارة ,والطائرة ,والغواصة ,
وبنى الفلك التي تمخر عباب المحطيات ,وأنشأ فوق ذلك المطبعة والهاتف والمذياع والتلفزيون ,وخلق الذرة وهدم النواة وابتكر القنابل الهدروجينية وأرسل الصواريخ والأقمار لغزو الفضاء الكوني الفسيح مثلما اخترع كل وسائل الاتصالات الحديثة ,وسيزور الإنسان فيما يقول لنا الناطقون الشمس قريباً ...هذه الفتوحات العظمى ,والابتكارات الرائعة تهون كلها لو أن الإنسان اقتصر في ميدان التقديم والاختراع على الفوز في صراعه ضد الطبيعة والكون ,ضد المادة العضوية واللاعضوية ,ضد المسافة والزمان والمكان ضد طبقات الجو وأعماق اليم والفراغ ...فقد دنا الكون وصغرت أبعاده وقربت السماء وتقلصت الأرض ,بيد أن الإنسان ذهب إلى أبعد من هذا ,ذهب إلى محاكاة الإنسان خلف الآلات الحاسبة والآلات المسجلة والآلات الناطقة وآلات الترجمة ,وأبدع الدماغ الإلكتروني ,وهناك من يزعم ان الإنسان سيخلق آلات تنبوء في وسعها أن تقرر من هو خير رجل أم أمرأة خير عروس وعريس يمكن أن يؤلفا الزوج المثالي فيقترنا في ظل السعادة والرفاه والبنين غير أن هذه الآلات الحديثة المذهلة حقاً لن تحجب عنا السؤال عن سير القيم الاخلاقية التي حققها الإنسان لأننا لن نتحدث هنا عن الوقائع المعروفة التي جعلتها ...
وسائل الإتصالات في متناول كل ذهن في كل بيت وكل مكان ولكننا نذكر حادثاً وصفته بعض المصادر العربية بأن فضيحة شملت أبناء العم سام ونعني بذلك فضيحة التلفزيون الأمريكي وخلاصتها أن برامج التلفزة هناك تسيطر عليها في الغالب الإعلانات التجارية ,فقد يسمع الإنسان ويرى أروع (أوبرا ) علمية فكلفت ملايين الدولارات لمجرد أن يقال أنها مقدمة من شركة صابون كذا ...ومن برامج التلفزة الأمريكية برنامج ناجح جداً قوامه أن يظهر على الشاشة اثنان من الناس ويوجه إليهما البرنامج أسئلة ,فالذي يجيب على السؤال يدفع له مبلغ ضخم من المال يصل أحياناً إلى مائة ألف دولار عن السؤال الواحد وقد جرت العادة بأن توجه أسئلة منوعة جداً وصعبة جداً ,تحتاج إلى درجة هائلة من الذكاء الخارق والثقافة الواسعة العميقة ,ونجم عن نجاح هذا البرنامج أن حظي بإقبال عظيم ,وصار الأمريكيون يتراهنون في كل مكان على أي الاثنين المتسابقين يفوز في كل برنامج ويحكي المصدر ذاته الحادث الآتي :
لمع من أبطال الإجابة شاب أمريكي جذاب اسمه (فان دورن ) أبوه شاعر معروف وهو نفسه أستاذ في إحدى الجامعات ,وقد أصبح رمز الأمريكين المثقف الذي يجيب على كل سؤال في العلم أو التاريخ أو الفلسفة أو الفن أو أي شيء على الإطلاق كان ( فان دورن ) يكسب من البرنامج الواحد مئات الألوف من الدولارات وانهالت عليه المناصب الثقافية وأصبحت لديه ثروة هائلة في زمن قصير .
ثم أبدأت القضية بشكوى صغيرة فتبعها تحقيق عادي ,ثم تحقيق خطير ,وفوجئ الناس بأن البرنامج كله تزوير ,وأن بعض الذين كانوا يجيبون على الأسئلة كانوا يعرفونها مقدماً ,ولما مثل (فان دورن ) أمام لجنة التحقيق اعترف بكل شيء فبان أن هذا الشاب الجذاب الذي يعرف كل شيء اكذوبة وهذا البطل تريد كل أم أن يكون ابنها مثله ,هو بطل زائف وأن العملية كلها عملية نصب على نطاق واسع وعلى مستوى رفيع .
وقد اخترنا ذكر هذا المثل لنشير إلى مايمكن أن يقع في مجتمع يوصف بأنه من أعظم المجتمعات الإنسانية رقياً وحضارة ,ولنستدل على أن الكذب والخداع والغش والتزييف ليست وقفاً على المجتمعات المتخلفة ,وأن تقدم الاختراع لايستلزم حتماً تقدم الأخلاق ومن هنا كانت أزمة الحضارة الحديثة أزمة أخلاقية بالدرجة الأولى أزمة خير أو شر لقد تغير وجه الحياة في العالم الحديث وصحب كل تغير مادي تبدل في نظرة الإنسان وسنرى أن الأزمة أزمة انقطاع الاتزان بين مايخلق الإنسان وبين الأهداف المثلى التي يترتب على البشر التزامها فيما وراء الاختراعات العظمى والكشوف الجبارة المذهلة هذه الأمة الراهنة أزمة خوف وحيرة وقلق وهلع إنها أزمة انخلاع القلب والعقل ,وهي تفرض على إنسان اليوم أن يعيش عيش إبليس يحيا بانتظار الموت ويرقب وهو مشتت اللب حائر الفؤاد فاقد الرجاء إطباق موت ذري ينزل عليه ويحيق به كالقدر المحتوم فيمحو كيانه وحياته ويمحو كل كون وحياة ,أجل إن حماقة الأمل هي أصدق تعبير عن أقصى شعور يمزق وجود الإنسان في المجتمع الحديث ,فقد نجح الإنسان في التغلب على الطبيعة وتسخيرها لمآربه عن طريق العلم والصناعة والاختراع أطلق المارد من قمقمه فأخذته عزة الخلق وكبرياء الإبداع ونمت قدراته على حساب إيمانه وأصيبت القيم الدينية والأخلاقية بالجمود والتخاذل والخمود ,ولما مات المجنون المحترم (نيتشه ) في مطلع القرن العشرين ولد بموته عصر جديد هو عصر التمرد الهائم عصر أدب الفضيحة والتمزق المحموم بعدها بحث الناس عن إنسانيه العلم يد فعهم إلى ذلك إيمانهم المطلق بسلطان العلم ونضعه وجدارته ,وكتب أحد العلماء في جامعة ( برنستون ) قائلاً : إن المدينة ستحصل في يوم قريب على وسيلة تمكنها من الانتحار في أي وقت تشاء ,وبعد أن أعلن العلم ( لوي دوبري ) أن من الواجب أن يحب الإنسان العلم لأن العلم من نتاج الفكر العظيم ,رجع عن رأيه صائحاً : إن التغاضي عن كوارث الذرة الجائرة خداع عقيم يستبدل بالواقع الأوهام وأوضح غيره : إن الإنسان سينجح في تحرير الطاقة الكامنة بين الذرات وسيسافر متنقلاً بين الكواكب ويشفي الأمراض لكنه قد يخفق في الكشف عن سير يمنع أن يتحكم بالناس أقل الناس جدارة بالتحكم ومرد هذا كله ( أن العلم قفز بنا إلى رتبة الالوهية ونحن لما نستحق أن نبلغ منزلة الإنسان ) والسؤال هنا ?: هل ينبغي أن نعود باللائمة حقاً على الآلة والعلم أو على الإنسان هل نفهم ثورة العلم بأنها سبب المأساة إننا إذا فعلنا ذلك كان شأننا شأن كهنة ( أثينا ) الذين ذبحوا الثورة قرباناً لآلهتهم ثم أقاموا الدعوى على المدعية التي حزت عنق الثور فحاكموها وحكموا عليها بأنها سبب الذبح فألقيت في اليم ذلك أن الآلة كل آلة والعلم كل العلم سلاح ذو حدين : التفجير بالديناميت والتفجير بالذرة كلاهما يصلح للخير وللشر ومن الجائز أن نستخدم الطائرات للإسعاف كما نستخدمها لنقل القنابل الهدروجينية وزرع الموت بالاحجار من سجيل إن الجريمة قد تقترف بمبضع الطبيب وإن المحراث والسيف هما من معدن واحد إن مشكلة الحضارة الحديثة هي مشكلة المدنية مشكلة السبب لامشكلة النتيجة مشكلة العناية لامشكلة الوسيلة مشكلة الانسان لامشكلة المادة إنها مشكلة الارداة الفاعلة مشكلة المسؤولية والاختيار ,مشكلة الحرية حرية الأنسان أنها أولاً وأخيراً مشكلة الاخلاق ومثال ذلك رجلان يختصمان أحدهما يطرح الآخر أرضا ويقتله ثم يقول ( الحق معي حتما ) والباطل دائما في جانب القتيل ومن المؤسف أن هذا النوع من الرهان لايزال مقبولا في النزاعات الدولية وفي الحروب فالمنتصر يرسم القانون ويفرض على المغلوب الرضوخ لمحاكمة مجرمي الحرب .
وهذان أيضارجلان يتنازعان يقول أحدهما لصاحبه( دع القتال فقد نموت جميعا ولنحتكم إلى كبير القوم ولنقبل حكمه وهذا النوع من السلوك هو الذي تتمنى القيم الاخلاقية تحققه وانتشاره لأنه قانون المعايشة السلمية قانون الاحتكام إلى العقل بدل شرعة الغاب إنه قانون المدنية حقا .
ونسأل السؤال التالي ? هل تزول الحروب في المستقبل ? وماهو سبيل النجاة والخلاص ? نقول ممكن حينما يتحول الانسان من إنسان الغريزة والطبيعة إلى إنسان المدينة والأخلاق إن المثقف الشرير لص لئيم والعالم الماكر وحش أثيم ومن السهل اليسير أن تنقلب المدنية وحشية دونها وحشية المخالب والأنياب وذلك عندما يساء استخدام العلم ,وتساء الإفادة من الإختراعات العلمية وتسخر الآلات لإفساد الضمائر وهدم الوجدان وقتل الإنسان آنذاك تتحول المدنية إلى حضارة علمية حديثة وهي حضارة المجرمين المثاليين وآنذاك أيضاً تخفق القيم الأخلاقية وتنهزم وتسحق سحقاً وبهزيمة الأخلاق تنتصر حضارة الآلة تنتصر مثالب الحضارة الحديثة وتنحدر كرامة الإنسان من نبالة السمو بالروح والقيم الأخلاقية إلى حطة الغزيرة وخسة البطش نحن لانتردد لحظة في الإيمان بأن من واجبنا المحتوم أن نساير ركب الحضارة وننتقل بالآلة وبالتصنيع أننا لاننكر البتى أننا نعيش في عصر الذرة والصواريخ للتنقل على ظهر الناقة والحصان ولكن رسالتنا الحقيقية ليست رسالة تحضر بقدر ماهي رسالة تمدين إنها رسالة نهضة أخلاقية لم يفتخر العرب قط بذهب يجمع ,ولاقصر يبنى ولاغرس يجنى أنما فخرنا عدو يغلب وثناء يجلب وجزر تنحر ,وحديث يذكر وجود على الفاقة ,وسماحة بحسن الطاقة فقد ذهب الذهب ,وفني النشب وكل الذي فوق التراب تراب ,وبقيت المحاسن تروى والأعراض تجلى وتصقل ولعل من الجائز أخيراً أن نلخص هدف وجودنا في التاريخ الحديث بأنه العمل على تحويل الحضارة إلى مدنية والحرص على إخضاع الوسيلة إلى هدف وإرغام الآلة على احترام الحرية وتسخير الطبيعة والتصنيع لخدمة الأخلاق المثلى والقيم السامية
وبنى الفلك التي تمخر عباب المحطيات ,وأنشأ فوق ذلك المطبعة والهاتف والمذياع والتلفزيون ,وخلق الذرة وهدم النواة وابتكر القنابل الهدروجينية وأرسل الصواريخ والأقمار لغزو الفضاء الكوني الفسيح مثلما اخترع كل وسائل الاتصالات الحديثة ,وسيزور الإنسان فيما يقول لنا الناطقون الشمس قريباً ...هذه الفتوحات العظمى ,والابتكارات الرائعة تهون كلها لو أن الإنسان اقتصر في ميدان التقديم والاختراع على الفوز في صراعه ضد الطبيعة والكون ,ضد المادة العضوية واللاعضوية ,ضد المسافة والزمان والمكان ضد طبقات الجو وأعماق اليم والفراغ ...فقد دنا الكون وصغرت أبعاده وقربت السماء وتقلصت الأرض ,بيد أن الإنسان ذهب إلى أبعد من هذا ,ذهب إلى محاكاة الإنسان خلف الآلات الحاسبة والآلات المسجلة والآلات الناطقة وآلات الترجمة ,وأبدع الدماغ الإلكتروني ,وهناك من يزعم ان الإنسان سيخلق آلات تنبوء في وسعها أن تقرر من هو خير رجل أم أمرأة خير عروس وعريس يمكن أن يؤلفا الزوج المثالي فيقترنا في ظل السعادة والرفاه والبنين غير أن هذه الآلات الحديثة المذهلة حقاً لن تحجب عنا السؤال عن سير القيم الاخلاقية التي حققها الإنسان لأننا لن نتحدث هنا عن الوقائع المعروفة التي جعلتها ...
وسائل الإتصالات في متناول كل ذهن في كل بيت وكل مكان ولكننا نذكر حادثاً وصفته بعض المصادر العربية بأن فضيحة شملت أبناء العم سام ونعني بذلك فضيحة التلفزيون الأمريكي وخلاصتها أن برامج التلفزة هناك تسيطر عليها في الغالب الإعلانات التجارية ,فقد يسمع الإنسان ويرى أروع (أوبرا ) علمية فكلفت ملايين الدولارات لمجرد أن يقال أنها مقدمة من شركة صابون كذا ...ومن برامج التلفزة الأمريكية برنامج ناجح جداً قوامه أن يظهر على الشاشة اثنان من الناس ويوجه إليهما البرنامج أسئلة ,فالذي يجيب على السؤال يدفع له مبلغ ضخم من المال يصل أحياناً إلى مائة ألف دولار عن السؤال الواحد وقد جرت العادة بأن توجه أسئلة منوعة جداً وصعبة جداً ,تحتاج إلى درجة هائلة من الذكاء الخارق والثقافة الواسعة العميقة ,ونجم عن نجاح هذا البرنامج أن حظي بإقبال عظيم ,وصار الأمريكيون يتراهنون في كل مكان على أي الاثنين المتسابقين يفوز في كل برنامج ويحكي المصدر ذاته الحادث الآتي :
لمع من أبطال الإجابة شاب أمريكي جذاب اسمه (فان دورن ) أبوه شاعر معروف وهو نفسه أستاذ في إحدى الجامعات ,وقد أصبح رمز الأمريكين المثقف الذي يجيب على كل سؤال في العلم أو التاريخ أو الفلسفة أو الفن أو أي شيء على الإطلاق كان ( فان دورن ) يكسب من البرنامج الواحد مئات الألوف من الدولارات وانهالت عليه المناصب الثقافية وأصبحت لديه ثروة هائلة في زمن قصير .
ثم أبدأت القضية بشكوى صغيرة فتبعها تحقيق عادي ,ثم تحقيق خطير ,وفوجئ الناس بأن البرنامج كله تزوير ,وأن بعض الذين كانوا يجيبون على الأسئلة كانوا يعرفونها مقدماً ,ولما مثل (فان دورن ) أمام لجنة التحقيق اعترف بكل شيء فبان أن هذا الشاب الجذاب الذي يعرف كل شيء اكذوبة وهذا البطل تريد كل أم أن يكون ابنها مثله ,هو بطل زائف وأن العملية كلها عملية نصب على نطاق واسع وعلى مستوى رفيع .
وقد اخترنا ذكر هذا المثل لنشير إلى مايمكن أن يقع في مجتمع يوصف بأنه من أعظم المجتمعات الإنسانية رقياً وحضارة ,ولنستدل على أن الكذب والخداع والغش والتزييف ليست وقفاً على المجتمعات المتخلفة ,وأن تقدم الاختراع لايستلزم حتماً تقدم الأخلاق ومن هنا كانت أزمة الحضارة الحديثة أزمة أخلاقية بالدرجة الأولى أزمة خير أو شر لقد تغير وجه الحياة في العالم الحديث وصحب كل تغير مادي تبدل في نظرة الإنسان وسنرى أن الأزمة أزمة انقطاع الاتزان بين مايخلق الإنسان وبين الأهداف المثلى التي يترتب على البشر التزامها فيما وراء الاختراعات العظمى والكشوف الجبارة المذهلة هذه الأمة الراهنة أزمة خوف وحيرة وقلق وهلع إنها أزمة انخلاع القلب والعقل ,وهي تفرض على إنسان اليوم أن يعيش عيش إبليس يحيا بانتظار الموت ويرقب وهو مشتت اللب حائر الفؤاد فاقد الرجاء إطباق موت ذري ينزل عليه ويحيق به كالقدر المحتوم فيمحو كيانه وحياته ويمحو كل كون وحياة ,أجل إن حماقة الأمل هي أصدق تعبير عن أقصى شعور يمزق وجود الإنسان في المجتمع الحديث ,فقد نجح الإنسان في التغلب على الطبيعة وتسخيرها لمآربه عن طريق العلم والصناعة والاختراع أطلق المارد من قمقمه فأخذته عزة الخلق وكبرياء الإبداع ونمت قدراته على حساب إيمانه وأصيبت القيم الدينية والأخلاقية بالجمود والتخاذل والخمود ,ولما مات المجنون المحترم (نيتشه ) في مطلع القرن العشرين ولد بموته عصر جديد هو عصر التمرد الهائم عصر أدب الفضيحة والتمزق المحموم بعدها بحث الناس عن إنسانيه العلم يد فعهم إلى ذلك إيمانهم المطلق بسلطان العلم ونضعه وجدارته ,وكتب أحد العلماء في جامعة ( برنستون ) قائلاً : إن المدينة ستحصل في يوم قريب على وسيلة تمكنها من الانتحار في أي وقت تشاء ,وبعد أن أعلن العلم ( لوي دوبري ) أن من الواجب أن يحب الإنسان العلم لأن العلم من نتاج الفكر العظيم ,رجع عن رأيه صائحاً : إن التغاضي عن كوارث الذرة الجائرة خداع عقيم يستبدل بالواقع الأوهام وأوضح غيره : إن الإنسان سينجح في تحرير الطاقة الكامنة بين الذرات وسيسافر متنقلاً بين الكواكب ويشفي الأمراض لكنه قد يخفق في الكشف عن سير يمنع أن يتحكم بالناس أقل الناس جدارة بالتحكم ومرد هذا كله ( أن العلم قفز بنا إلى رتبة الالوهية ونحن لما نستحق أن نبلغ منزلة الإنسان ) والسؤال هنا ?: هل ينبغي أن نعود باللائمة حقاً على الآلة والعلم أو على الإنسان هل نفهم ثورة العلم بأنها سبب المأساة إننا إذا فعلنا ذلك كان شأننا شأن كهنة ( أثينا ) الذين ذبحوا الثورة قرباناً لآلهتهم ثم أقاموا الدعوى على المدعية التي حزت عنق الثور فحاكموها وحكموا عليها بأنها سبب الذبح فألقيت في اليم ذلك أن الآلة كل آلة والعلم كل العلم سلاح ذو حدين : التفجير بالديناميت والتفجير بالذرة كلاهما يصلح للخير وللشر ومن الجائز أن نستخدم الطائرات للإسعاف كما نستخدمها لنقل القنابل الهدروجينية وزرع الموت بالاحجار من سجيل إن الجريمة قد تقترف بمبضع الطبيب وإن المحراث والسيف هما من معدن واحد إن مشكلة الحضارة الحديثة هي مشكلة المدنية مشكلة السبب لامشكلة النتيجة مشكلة العناية لامشكلة الوسيلة مشكلة الانسان لامشكلة المادة إنها مشكلة الارداة الفاعلة مشكلة المسؤولية والاختيار ,مشكلة الحرية حرية الأنسان أنها أولاً وأخيراً مشكلة الاخلاق ومثال ذلك رجلان يختصمان أحدهما يطرح الآخر أرضا ويقتله ثم يقول ( الحق معي حتما ) والباطل دائما في جانب القتيل ومن المؤسف أن هذا النوع من الرهان لايزال مقبولا في النزاعات الدولية وفي الحروب فالمنتصر يرسم القانون ويفرض على المغلوب الرضوخ لمحاكمة مجرمي الحرب .
وهذان أيضارجلان يتنازعان يقول أحدهما لصاحبه( دع القتال فقد نموت جميعا ولنحتكم إلى كبير القوم ولنقبل حكمه وهذا النوع من السلوك هو الذي تتمنى القيم الاخلاقية تحققه وانتشاره لأنه قانون المعايشة السلمية قانون الاحتكام إلى العقل بدل شرعة الغاب إنه قانون المدنية حقا .
ونسأل السؤال التالي ? هل تزول الحروب في المستقبل ? وماهو سبيل النجاة والخلاص ? نقول ممكن حينما يتحول الانسان من إنسان الغريزة والطبيعة إلى إنسان المدينة والأخلاق إن المثقف الشرير لص لئيم والعالم الماكر وحش أثيم ومن السهل اليسير أن تنقلب المدنية وحشية دونها وحشية المخالب والأنياب وذلك عندما يساء استخدام العلم ,وتساء الإفادة من الإختراعات العلمية وتسخر الآلات لإفساد الضمائر وهدم الوجدان وقتل الإنسان آنذاك تتحول المدنية إلى حضارة علمية حديثة وهي حضارة المجرمين المثاليين وآنذاك أيضاً تخفق القيم الأخلاقية وتنهزم وتسحق سحقاً وبهزيمة الأخلاق تنتصر حضارة الآلة تنتصر مثالب الحضارة الحديثة وتنحدر كرامة الإنسان من نبالة السمو بالروح والقيم الأخلاقية إلى حطة الغزيرة وخسة البطش نحن لانتردد لحظة في الإيمان بأن من واجبنا المحتوم أن نساير ركب الحضارة وننتقل بالآلة وبالتصنيع أننا لاننكر البتى أننا نعيش في عصر الذرة والصواريخ للتنقل على ظهر الناقة والحصان ولكن رسالتنا الحقيقية ليست رسالة تحضر بقدر ماهي رسالة تمدين إنها رسالة نهضة أخلاقية لم يفتخر العرب قط بذهب يجمع ,ولاقصر يبنى ولاغرس يجنى أنما فخرنا عدو يغلب وثناء يجلب وجزر تنحر ,وحديث يذكر وجود على الفاقة ,وسماحة بحسن الطاقة فقد ذهب الذهب ,وفني النشب وكل الذي فوق التراب تراب ,وبقيت المحاسن تروى والأعراض تجلى وتصقل ولعل من الجائز أخيراً أن نلخص هدف وجودنا في التاريخ الحديث بأنه العمل على تحويل الحضارة إلى مدنية والحرص على إخضاع الوسيلة إلى هدف وإرغام الآلة على احترام الحرية وتسخير الطبيعة والتصنيع لخدمة الأخلاق المثلى والقيم السامية
2013-09-20, 1:05 pm من طرف بنت أغراء
» علاج تساقط الشعر2
2013-09-20, 12:52 pm من طرف بنت أغراء
» ........عبرة........
2013-09-20, 12:50 pm من طرف بنت أغراء
» رياضة المشي تغذي الدماغ.
2013-09-20, 12:43 pm من طرف بنت أغراء
» مفاجأه..
2013-09-20, 12:42 pm من طرف بنت أغراء
» اكتشاف كوكب يتوافر فيه الماس كالتراب على الأرض
2013-09-20, 12:41 pm من طرف بنت أغراء
» Insatiable
2013-09-20, 12:40 pm من طرف بنت أغراء
» بسرعة ادحلو على المنتدى أحلى مسابقة
2013-09-20, 12:37 pm من طرف بنت أغراء
» موقع للجلب معلومات عن اي شخص
2012-08-27, 8:41 am من طرف daloul20
» مسجات حركشة
2012-07-28, 7:30 pm من طرف said
» مفاهيم خاصة عند البنات..في المدارس
2012-02-24, 7:13 pm من طرف sham