[الخلية
تعد الخلية الحية cell الوحدة الأساسية في بناء الكائنات الحية على اختلاف أنواعها - إنساناً أو حيواناً أو نباتاً- وإن اختلفت في أشكالها ووظائفها. والخلية الحية يمكن اعتبارها عالماً فريداً قائماً بذاته، وعلى درجة عالية من التعقيد على الرغم من صغر حجمها، حيث لا يمكن أن نراها بالعين المجردة. وداخل هذا الكيان المتناه في الصغر توجد آلاف من الجزيئات العضوية المختلفة الأشكال والوظائف. كما يتم داخلها مجموعة من التفاعلات الكيميائية الهامة والمعقدة، وتتم جميع العمليات الحيوية من بناء وهدم. وبمعنى آخر فإن هذه الوحدة تكاد تمثل نشاط الجسم كله، الذي هو نتاج نشاط جميع خلاياه.
ويرجع الفضل في اكتشاف الخلايا الحية إلى العالم الإنجليزي روبرت هوك R.Hooke الذي استطاع في القرن السابع عشر (عام 1665) أن يصنع لنفسه ميكروسكوباً استخدمه في فحص بعض الأنسجة النباتية ومنها نبات الفلين، فاكتشف وجود فراغات صغيرة وتقسيمات منتظمة في رقائق الفلين، منفصلة عن بعضها البعض، وتشبه خلايا عش النحل، وأطلق على كل وحدة من هذه الوحدات خلية، وهو إسم يعني الفجوة الصغيرة. وفي عام 1673 استطاع العالم الهولندي ليفنهوك أن يكتشف الخلايا الحيوانية، بعد أن صنع ميكروسكوباً ذا قوة تكبيرية أكبر، ساعدت على التعرف على أجزاء النسيج الحيواني. وعلى الرغم من هذا التاريخ الطويل إلا أن الخلية ظلت لفترة طويلة وإلى وقت قريب مجهولة التفاصيل، ولم يتمكن العلماء من معرفة أجزائها ومكوناتها على نحو دقيق إلا في منتصف هذا القرن، وساعدهم في ذلك التقدم التكنولوجي في صنع الميكرسكوبات الإلكترونية، ذات القوة الجبارة في التكبير.
وتختلف الكائنات الحية بشكل عام في عدد الخلايا التي تتكون منها، كما تختلف في أشكالها ووظائفها أيضاً. فالكائن الحي الذي يتركب من خلية واحدة -كالبكتيريا- يقوم بجميع العمليات الحيوية اللازمة لبقائه داخل هذه الخلية الوحيدة. فهي التي تقوم بالحركة والتنفس، وعمليات التمثيل الغذائي، وعمليات التخلص من نواتج هذا التمثيل. بالإضافة إلى ذلك فإنها تقوم بعمليات الدفاع المختلفة التي تحتاجها في التخلص مما يحيط بها من أخطار. ومثل هذا النوع من الكائنات لا يملك أي خلايا متخصصة، تقوم كل منها بوظيفة محددة، وإنما خلية واحدة متعددة الوظائف. والأمر هنا يختلف عن الحيوانات والإنسان حيث نجد ملايين الخلايا المتخصصة.
وإذا ما نظرنا إلى الجسم البشري فسوف نجد أنه يتكون مما يقرب من مائة تريليون خلية أو أكثر. ويكفي القول لتوضيح ذلك بأن البوصة المربعة من جلد الإنسان تحتوي على حوالي مليون خلية، بينما يحتوي المخ على أكثر من ثلاثين بليون خلية. وهذه الخلايا لا توجد في فراغ، وإنما تسبح - إن صح التعبير - في محيط مائي يمكن تسميته بالبحر الداخلي، حيث يمثل الماء 60% من الوزن الكلي لجسم الإنسان. وهذا الماء موزع على النحو التالي: 40% موجود داخل الخلايا intracellular ، 15% موجود خارج الخلايا extracellular، 5% في الدم. والخلايا بشكل عام تحصل على احتياجاتها من الغذاء والأكسجين اللازم لعملياتها الحيوية من السائل المحيط بها. وفي نفس الوقت تفرز الخلايا في هذا السائل ما ينتج من هذه العمليات من نواتج احتراق غير مرغوب فيها، ولا يمكن للخلية الاحتفاظ بها داخلها. ويحمل الدم بعد ذلك هذه النواتج لينقلها إلى الكليتين بغرض التخلص منها إلى خارج الجسم في صورة البول.
والخلية الحية داخل جسم الإنسان على درجة عالية من التخصص. وكل مجموعة متشابهة من الخلايا تتخصص في القيام بوظيفة واحدة، أو عدة وظائف متخصصة. وينشأ من تجمع الخلايا معاً ما يُسمى بالنسيج الحي tissue ، وكل مجموعة من الأنسجة تتجمع معاً لتكون ما يُسمى بالعضو organ، وكل مجموعة من الأعضاء تكون ما يسمى بالجهاز system. وكي نوضح الأمر فإن تجمع الخلايا العصبية مثلا ينتج عنه تكوين النسيج العصبي الذي يتجمع ليُكوّن المخ مثلاً والمخيخ والحبل الشوكي. وهي مجموعة من الأعضاء التي تُكوّن في النهاية الجهاز العصبي بشكل عام. ونفس الكلام ينطبق على المريء والمعدة والأمعاء، وكلها تُكوّن الجهاز الهضمي. ولذلك فإننا نلاحظ أن جسم الإنسان يتكون من مجموعة من الأجهزة المتخصصة، التي يقوم كل منها بوظيفة محددة، لا تستطيع الأجهزة الأخرى القيام بها. فوظيفة الجهاز التنفسي مثلاً تتحدد في امتصاص الأكسجين من هواء الشهيق، والتخلص من ثاني أكسيد الكربون، حيث يُعد الغاز الأول مطلوباً ولازماً لعمليات التفاعل التي تتم داخل الجسم، بينما يُعد الغاز الثاني أحد النواتج غير المرغوب فيها لعملية التمثيل الغذائي. بينما نرى وظيفة الجهاز الهضمي تتمثل في بلع الطعام وهضمه وتحويله إلى مواد بسيطة يتم امتصاصها، يتم التعامل معها للاستفادة منها وتوزيعها على أجزاء الجسم، وهكذا بالنسبة لبقية الأجهزة.
ونظراً لهذا التنوع في وظائف أجهزة الجسم المتخلفة، فإننا نلاحظ أن كل نسيج خاص بكل عضو إنما يتكون من مجموعة من الخلايا التي تتفق وطبيعة الوظائف التي يقوم بها، سواء من حيث الشكل أو من حيث التركيب. فخلايا الجهاز التنفسي لها القدرة على امتصاص الأكسجين، بالإضافة إلى أن بعضها يحتوى على مجموعة من الأهداب على السطح تساعد في طرد الأجسام الغريبة من مجرى الهواء، حتى يتسنى للرئتين القيام بالوظيفة على نحو أمثل. ولعل كل منا يتذكر أنه عند الإصابة بالبرد وحدوث إلتهابات في الشعب الهوائية، يظهر السعال (الكحة) الذي يتكرر من حين لآخر حتى يتم طرد الأجسام الغريبة في صورة البلغم. كما نتذكر عند دخول أي طعام أو سائل في الحنجرة بدلاً من المريء، تتحرك عضلات القصبة الهوائية بشدة لتحدث (الشرقة) حتى يتم التخلص من هذا الطعام، ليسمح بعد ذلك بمرور الهواء إلى الرئتين. ويمكن أن نتصور الأمر بالنسبة للأجهزة الأخرى، وما يمكن أن تقوم به من وظائف. ومن ثم يمكن أن نعتبر الخلية وحدة بناء الجسم والوظائف الحيوية. فمجموعها من حيث العدد يؤدي إلى تكوّن الأنسجة فالأعضاء فالأجهزة، ومجموع وظائفها يعطى وظائف الجسم بشكل عام.
تركيب الخلية الحية:
ساعد التطور التقني الحديث في صناعة الميكروسكوبات (المجاهر) الإلكترونية على الكشف عن الكثير من مكونات الخلية الحية، والتي كانت إلى وقت قريب عالماً شبه مجهول. بل إن الأمر لم يقتصر على معرفة الأجزاء العامة للخلية، بل وصل إلى حد التعرف على طبيعة الأجزاء الدقيقة في كل جزء من أجزائها. بالإضافة إلى ذلك فقد تم تزويد هذه الميكروسكوبات بأجهزة الكمبيوتر التي يمكنها تسجيل أجزاء الخلية والاحتفاظ بها، وكذلك رصد ما يحدث داخل الخلية من حركة الجزيئات وتفاعلاتها الكيميائية.
وتعتبر الخلية ببساطة تجمعاً لمجموعة من الجزيئات التي يحيط بها غشاء محدد. وتتكون الخلية بصفة عامة جزأين: الأول غشاء أو جدار الخلية، والثاني مادة البروتوبلازم protoplasm التي يحيط بها الغشاء، وتتميز إلى جزأين: سائل هلامي يُطلق عليه السيتوبلازم cytoplasm ، ونواة الخلية. وفيما يلي تناول هذه الأجزاء.
1- غشاء الخلية:
يُعد غشاء الخلية cell membrane بمثابة الجدار الواقي الذي يحمي الخلية، ويحافظ على محتوياتها، وينظم العلاقة بينها وبين ما يحيط بها، وينظم ما يدخل إليها، وما يخرج منها. بالإضافة إلى أنه المسئول عن الشكل العام للخلية نظراً لأنه يحيط بالسائل الهلامي الذي يتشّكل تبعاً لطبيعة جدار الخلية، بالضبط كما يتشكل الماء في الإناء الذي يحتويه. وتمثل أغشية الخلايا الحدود التي تفصل بين بعضها البعض. وقد أطلق كارل نيجلي K. Nageli عام 1855 على هذه الأغشية اسم الغشاء البلازمي plasma membrane.
ويتكون غشاء الخلية من بعض الجزيئات العضوية الدهنية التي تعرف بالفوسفوليبدات phospholipids حيث يشير المقطع (فوسفو) إلى الفوسفور، والمقطع (ليبيدات) إلى الدهون. بالإضافة إلى جزيئات البروتين. ويتكون جدار الخلية من المئات من هذه الجزيئات التي تتراص بجوار بعضها البعض بانتظام شديد، وبطريقة معقدة تشكل في النهاية ذلك الغشاء المحيط بالخلية. ويمكن أن نصور جزيء الفوسفوليبيد على نحو مبسط بجزأين: الأول يسمى رأس الجزيء وهو الذي يحتوي على الفوسفور، والثاني ذيل الجزيء ويتكون من الدهون. ويعد رأس الجزيء محباً للماء hydrophilic head أي ينجذب نحو الماء، بينما يعد ذيل أو هدب الجزيء كارهاً للماء hydrophobic أي يبتعد عن الماء
ويتكون الغشاء من طبقتين من الفوسفوليبيدات توجدان في اتجاهين متضادين. ونظراً لأن الخلية كما سبق وقلنا تسبح في الماء داخل الجسم، فإن الجزيئات المكونة لجدارها تنتظم بطريقة معينة، حيث تنتظم الجزيئات في الطبقة العليا بحيث تتجه الرؤوس الفوسفورية إلى الخارج لتلامس الماء الموجود خارج الخلية، بينما تنتظم جزيئات الطبقة السفلي بحيث تتجه الرؤوس الفوسفورية إلى الداخل لتلامس الماء الموجود بداخل الخلية. وعلى هذا النحو تصبح الذيول الدهنية (الكارهة للماء) لجزيئات كل من الطبقتين واقعة في وسط جدار الخلية، ومبتعدة عن الماء.
وبالإضافة إلى جزيئات الفوسفوليبيدات المكونة لغشاء الخلية توجد جزيئات أخرى هامة هي جزيئات البروتين، التي تتخلل طبقة الفوسفوليبيدات، ولها العديد من الوظائف، إذ أنها تساعد على دعم وتقوية جدار الخلية، كما تعمل كمناطق فصل بين الأجزاء الدهنية في الغشاء، بالإضافة إلى أنها تعمل على حمل المواد التي سيتم نقلها من الخلية أو إليها، حيث تستقبل الهرمونات وتعمل كقنوات تساعد على عملية التبادل بين السيتوبلازم داخل الخلية من ناحية، والوسط المائي المحيط بالخلية من ناحية أخرى. كذلك تلعب هذه البروتينات دوراً هاماً في عمليات الدفاع داخل جسم الإنسان، لأنها تعمل على تمييز خلايا الجسم عن غيرها من الخلايا الدخيلة ممثلة في الميكروبات، وبالتالي فهي تساعد الأجسام المضادة antibodies التي يفرزها الجسم للدفاع عن نفسه، في التعرف على الخلايا الغريبة عنه لتهاجمها، وتترك خلايا الجسم.
ويتميز غشاء الخلية بخاصية هامة هي خاصية شبه النفاذية semi permeability، فغشاء الخلية غشاء شبه نفاذ، أي يسمح لبعض المواد بالنفاذ من خلاله ولا يسمح للبعض الآخر بذلك. وهذه الخاصية تساعده على التحكم بصورة بالغة في نفاذ المواد الداخلة إلى الخلية أو الخارجة منها، وذلك وفقاً لاحتياجات الخلية. وتوجد على هذا الجدار بوابات gates ومستقبلات خاصة تعمل على تنظيم هذه العملية.
2- البروتوبلازم:
يعد البروتوبلازم المادة الأساسية للحياة، وكلمة البروتوبلازم كلمة ذات أصل لاتيني ذات مقطعين (بروتو) وتعني أولي أو أساسي، و(بلازم) وتعني المادة الحية، والكلمة في مجملها تعني المادة الحية الأولية. والبروتوبلازم مادة شبه سائلة تشبه في قوامها زلال البيض، ويشكل الماء أربعة أخماس وزنها، وتسبح فيها الكثير من الأجسام العضوية على هيئة حبيبات. كما يوجد فيها العديد من المواد العضوية كالكربوهيدرات، والدهون، والبروتينات، والأحماض النووية. بالإضافة إلى ذلك توجد الأملاح المعدنية كأملاح الحديد والكالسيوم والصوديوم والبوتاسيوم وغيرها. وكما سبق وذكرنا فإن البروتوبلازم ينقسم أو يتميز إلى السيتوبلازم، ونواة الخلية. وسنعرض فيما يلي لكل منهما.
أ- السيتوبلازم:
السيتوبلازم cytoplasmكلمة مكونة من مقطعين (سيتو) بمعنى له علاقة بالخلية، و(بلازم) أى المادة الحية، والكلمة في مجملها تعني المادة الحية الخاصة بالخلية. وهو سائل هلامي يوجد داخل الخلية، ويحيط به جدارها. ويشكل الماء 60-90% من وزنه. والسيتوبلازم سائل لزج يشبه في قوامه بياض البيض، تسبح فيه مئات من الجسيمات المختلفة الأشكال والوظائف والتركيب. ويتكون هذا السائل من الأحماض الأمينية amino acids (وهى الجزيئات المكونة للبروتينات) مع مزيج من المواد الكيميائية العالقة به أو الذائبة فيه. وتتم في هذا السائل عمليات التفاعل الكيميائي المستمر، والمسئول عن النشاط الحيوي في جسد الكائن الحي. ويحتوي السيتوبلازم على مجموعة هامة من المكونات تشمل: الشبكة الإندوبلازمية، والريبوسومات، والميتوكوندريا، وجهاز جولجي، والليسومات، والجسم المركزي أو ما يعرف بالسنتروسوم. وفيما يلي تركيب ووظيفة كل من هذه المكونات:
1. الشبكة الإندوبلازمية :
أكتشف بورتر Porter الشبكة الإندوبلازمية Endoplasmic Reticulum عام 1945. وتشير الكلمة الأولى منها (Endoplasmic) إلى وجود شيء بداخل السيتوبلازم، بينما تعني الكلمة الثانية (Reticulum) الشبكة. والكلمة في مجملها تعني الشبكة الموجودة داخل السيتوبلازم. وتعد هذه الشبكة محطة الريبوسومات المسئولة عن تكوين البروتينات.
وتتكون الشبكة الإندوبلازمية من مجموعة من التجاويف الدقيقة جداً، والتي تتخذ شكل الأنابيب الوعائية التي تحيط بها أغشية رقيقة، وتتشابك هذه الأنابيب لتكون داخل الخلية شبكة متصلة. ويمكن القول بأن هناك نوعين على الأقل من الشبكات الإندوبلازمية: الأول النوع الخشن، وفيه نجد على السطح الخارجي للشبكة مجموعة من الحبيبات الدقيقة هي الريبوسومات، وهو ما يعطيها السطح الخشن، والنوع الثاني النوع الأملس الذي يفتقر إلى هذه الريبوسومات، فيكون سطحها أملساً. وتلعب هذه الشبكة دوراً رئيسياً في توصيل الغشاء الخارجي للسيتوبلازم، بالغشاء الداخلي لنواة الخلية، كما أنها تمتد فيما بين الخلايا لتصل إلى أغشية الخلايا المجاورة، مما يساعد على ترابط الشبكة الإندوبلازمية للخلايا المختلفة. وتمثل الشبكة الإندوبلازمية دعامة داخلية لسيتوبلازم الخلية، وكأنها هيكل يقوي من شكل الخلية.
ويمكن أن نوجز وظائف هذه الشبكة في أنها تعمل على توصيل المواد الغذائية داخل أجزاء سيتوبلازم الخلية الواحدة، أو تعمل على نقل هذه المواد من نواة الخلية إلى السيتوبلازم، أو نقلها من خلية إلى أخرى. كما تعمل على نقل المواد من خارج الخلية إلى داخلها. بالإضافة إلى ذلك يقوم النوع الخشن منها (المحتوى على الريبوسومات) بدور هام في تكوين وتخليق البروتين، بينما يقوم النوع الأملس منها (المفتقر إلى الريبوسومات) بتخليق وتكوين الدهون والجليكوجين، ولذلك يكثر هذا النوع في الأماكن المسئولة عن تخليق هذه المكونات كالخلايا الدهنية، وخلايا الكبد.
2. الريبوسومات:
الريبوسومات Ribosome عبارة عن حبيبات دقيقة جداً توجد بكثرة على السطح الخارجي للشبكة الإندوبلازمية الخشنة، كما أنها توجد متجمعة بين أجزاء هذه الشبكة في السيتوبلازم. وتتكون هذه الحبيبات من الحمض النووي المعروف باسم حمض الريبونيوكلييك Ribo Nucleic Acid، والمعروف اختصارا بالـ (R.N.A) أو الرنا. وتعتبر الريبوسومات المصانع الرئيسية المسئولة عن تخليق البروتين، حيث تحتوي على مجموعة من الإنزيمات التي تعمل على ربط الأحماض الأمينية.
3. الميتوكوندريا:
وُصفت الميتوكوندريا Mitochondria على يد العالم فليمنج Flemming، ولكن كان أول من سماها بهذا الاسم العالم بيندا Benda عام 1897 . وتتكون الكلمة من مقطعين (ميتو) وتعنى الخيط، و(كوندريا) وتعنى الحية. وتعتبر الميتوكوندريا المصانع الرئيسية المولدة للطاقة في الخلية. وهى عبارة عن جسيمات صغيرة مستطيلة أو عصوية الشكل تسبح في السيتوبلازم، وتوجد داخل الخلايا بأعداد متوسطة، وإن كانت بعض أجزاء الجسم كخلايا الكبد تحتوي على أعداد هائلة منها تصل إلى الآلاف، بل وقد يصل حجمها إلى 20% من وزن الخلية. وتحتوي الميتوكوندريا على إنزيمات التنفس أو الإنزيمات اللازمة لعملية الأكسدة، كما تحتوي على أماكن تخزين الطاقة. وتتركب الميتوكوندريا من جزأين رئيسيين: الغلاف أو الجدار، والحشوة أو الجزء الداخلي أو الجسم.
أما عن الجدار فهو يتكون من طبقتين أو غشاءين رقيقين يفصل بينهما فراغ صغير. ويعطي الغلاف الخارجي الشكل الخاص بالميتوكوندريا، بينما ينثني الغشاء أو الغلاف الداخلي فيعطي شكلاً متعرجاً داخل جسم الميتوكوندريا، وهذه التعرجات تساعد على زيادة مساحة السطح الداخلي الذي تتم فيه عمليات الأكسدة.
أما الحشوة أو الجسم الداخلي للميتوكوندريا فهو عبارة عن مادة عالية اللزوجة، تحتوي على بروتينات ودهون، وحبيبات الحمض النووي ديوكسى ريبونيوكلييك Deoxy ribo Nucleic Acid والمعروف اختصارا بالـدنا أو الـ (D.N.A). وفي هذا الجزء تتم عمليات أكسدة المواد الغذائية، وتحتاج عمليات الأكسدة هذه إلى مصدر مستمر من مصادر الطاقة، لدفع عمليات التفاعل (الأكسدة) إلى نهايتها. وتنتج من هذه العمليات أيضا كميات هائلة من الطاقة، يتم تخزينها لحين الاستفادة منها مرة أخرى في عمليات التفاعل. ويتم تخزين هذه الطاقة على هيئة مركبات تسمى مركبات أدينوزين ثلاثي الفوسفات Adenosine Tri Phosphate والتي تعرف اختصارا باسم (A.T.P). وهذا المركب يتحول إلى مركب الأدينوزين ثنائي الفوسفات Adenosine Di Phosphate أو (A.D.P) حيث ينتج من هذا التحول انطلاق الطاقة، ثم يتحد الـ (A.D.P) بمجموعة فوسفات أخرى ليكوّن الـ (A.T.P) وهكذا، لتخرج الطاقة التي تستخدمها الخلية والكائن الحى بوجه عام في وظائفها المختلفة.
وتستطيع الخلية أن تعيد استخدام الطاقة المختزنة على عدة أشكال، فهي تستطيع تحويل الطاقة الكيميائية إلى طاقة حركية تستخدمها العضلات، وقد تحولها إلى طاقة كهربية تستخدمها الأعصاب في نقل إشاراتها.
ويُعد سكر الجلوكوز Glucose هو المصدر الأساسي للطاقة بالنسبة للجسم، ويتحول الجلوكوز مع عمليات الأكسدة إلى ثاني أكسيد الكربون والماء، وينتج عن إحراق أو أكسدة مقدار قدره 180 جراماً من الجلوكوز طاقة عالية جدا تبلغ 690000 سعراً حرارياً. وعادة ما تتم عملية الأكسدة على مراحل حتى تستطيع الخلية أن تستخدم الطاقة الناتجة عن كل خطوة من خطوات التفاعل. ويتم تخزين هذه الطاقة الناتجة على هيئة جزيئات الـ A.T.P التي تُعد بمثابة البطارية التي تحتفظ بالطاقة، وتعطي هذه الطاقة لمن يريد استخدامها من أعضاء الجسم عند الطلب. ويمكن أن نلخص عملية استخلاص الطاقة وانتقالها في الخلية الحية على النحو التالي:-
يتأكسد سكر الجلوكوز الناتج عن تحلل المواد الغذائية، على عدة مراحل في التفاعلات الكيميائية، وفي كل خطوة من التفاعل ينتج مقدار من الطاقة، يتم استغلاله في تكوين جزيئات عالية الطاقة هي جزيئات الـ A.T.P التي تنتقل داخل الخلية من مكان لآخر لتعطي الطاقة اللازمة لمن يطلبها. وعندما تُعطي جزيئات الـ A.T.P بعض طاقتها تتحول إلى جزيئات الـ A.D.P وهي جزيئات ذات مستوى أقل في الطاقة. . ثم يتم إعادة شحن جزيء الـ A.D.P بمجموعة فوسفات ليتحول إلى جزيء A.T.P مرة أخرى محتفظاً بالطاقة.
ويكفي القول بأن عملية أكسدة جزيء واحد من الجلوكوز تعطي قدراً من الطاقة يكفي لتحويل 38 جزيئا من A.D.P إلى 38 جزيئاً من الـ A.T.P ، وأن عملية إعادة جزيء واحد من الـ A.D.P إلى جزيء من الـ A.T.P يحتاج إلى قدر من الطاقة يصل إلى حوالي 12000 سعراً حرارياً، أي أن تحول 38 جزيئاً يحتاج حوالي 456000 سعراً حرارياً، أن يستهلك نحو 66% من الطاقة الناتجة من أكسدة جزيء الجلوكوز (690000 سعراً).
4. الليسوسومات والإنزيمات:
تعتبر الليسوسومات Lysosomes الأجسام المسئولة عن عمليات الهدم في الخلية، إذ أنها كما يشير الاسم تعتبر الأجسام المحللة، فهي تحتوى على مجموعة كبيرة من الإنزيمات التي تعمل على تحلل الأجسام الكبيرة إلى وحدات صغيرة يمكن استخدامها بعد ذلك في تكوين مركبات جديدة، أو تمهيداً لعملية أكسدتها والحصول على الطاقة منها. وتتكون الليسوسومات من غشاء دقيق يحتوي داخله على عدد كبير من الأجسام الدقيقة التي تحتوي على إنزيمات التحلل المائي hydrolysis وتسمى هذه الإنزيمات (هيدروليز) hydrolase. وتقوم الإنزيمات الموجودة في الليسوسومات بعمليات تحلل البروتينات، أو تحلل الأحماض النووية، أو تحلل الدهون وغير ذلك. ويعمل الإنزيم الخاص بتحلل البروتينات التي نحصل عليها في الطعام مثلاً على تحللها إلى مكونات صغيرة هي الأحماض الأمينية التي يعاد استخدامها في تصنيع البروتين مرة أخرى، ليستفيد منه الجسم، وهكذا الأمر بالنسبة لبقية المكونات الغذائية، ولذلك تسمى إنزيمات هاضمة.
وجدير بالذكر أن الإنزيمات تتكون في سيتوبلازم الخلية، وتنتقل بعد ذلك إلى داخل الليسوسوم حيث يتم الاحتفاظ بها لحين عملها في عمليات التمثيل الغذائي. ويقوم غشاء الليسوسوم بعملية في غاية الأهمية تحافظ على ثبات وحياة الخلية، فهو يمنع خروج الإنزيمات من داخل الليسوسوم إلى السيتوبلازم، بينما يسمح بدخول الإنزيمات إلى داخل الليسوسوم لزيادة تركيزها. وتعد هذه العملية على درجة عالية من الأهمية، لأن خروج الإنزيمات إلى السيتوبلازم يؤدي إلى تفاعلها مع المكونات المختلفة للخلية، مما يعني حدوث خلل في عملياتها الحيوية، وقد يصل الأمر إلى تحلل هذه المكونات مما يتسبب في موت الخلية.
وتعتبر الإنزيمات بوجه عام أحد المكونات الهامة داخل الخلية نظراً لأنها المسئولة عن عمليات الهدم والبناء، حيث تستخدم كعوامل مساعدة في التفاعلات الكيميائية التي تتم داخل الخلية، وهي لا تدخل في عملية التفاعل، وإنما تساعد على دفع وتنشيط التفاعل إلى نهايته، ولذلك فهي تبقى دون تغيير ودون أن تفقد شيئا من تركيبها. ونظراً لأن هناك العديد من التفاعلات الكيميائية التي تتم داخل الخلية فلنا أن نتصور عدد الإنزيمات الموجودة بالخلية. وقد تم التوصل إلى ما يقرب من 60 نوعاً من الإنزيمات، التي هي عبارة عن جزيئات من البروتين محددة التركيب، بما يتفق ووظيفة التفاعل الذي تنشطه. ولذلك فالإنزيمات على درجة عالية من التخصص، فالإنزيم الخاص بتفاعل ما لا يمكن أن يقوم بتنشيط تفاعل آخر، كما أنه لا يتدخل في عمل إنزيم آخر.
وبالنسبة للإنزيمات الهاضمة التي سبقت الإشارة إليها فهي المسئولة عن عمليات تحويل البروتينات إلى أحماض أمينية كي يستخدمها الجسم بعد ذلك في تصنيع أنواع أخرى من البروتينات التي يحتاج إليها في بناء نفسه. ومن أمثلة هذه الإنزيمات إنزيم التريبسين Trypsine ، وإنزيم الكيموتريبسين Chemotrypsine. وعلى الرغم من أن هذه الإنزيمات مسئولة عن تحليل البروتينات، وهي مكونة من بروتينات أيضاً إلا أنها لا تقوم بتحليل نفسها، وإنما تهاجم جزيئات البروتين الأخرى وتحللها. وهناك مجموعة من الإنزيمات التي تقوم بدور الحارس في الخلية لتنظفها من الدخلاء، أو من المواد غير المرغوب فيها مثل الأجزاء الخلوية التالفة، وبعض النواتج الضارة الناتجة من عمليات التفاعل. كما يوجد نوع خاص يسمى باللايسوزايم Lysozyme، أو الإنزيم المحلل. ويرجع الفضل في اكتشافه إلى العالم البريطاني ألكسندر فليمنج (1881-1955) الذي اكتشف البنسلين. وهذا الإنزيم له قدرة عالية على إذابة وتحليل خلايا بعض البكتيريا. فهو يتحسس جدارها ويقوم بتحليل جزء منه، وكأنه يقضم جزءاً من الخلية ويثقبه، فإذا بمحتويات خلية البكتيريا تندفع إلى السوائل المحيطة بها وتموت.
5. جهاز جولجي:
تم في عام 1898 اكتشاف مجموعة من الأجسام الصغيرة الموجودة بالقرب من نواة الخلية سُميت بأجسام جولجي نسبة إلى مكتشفها العالم الإيطالي كاميللو جولجي C.Golgi. وسميت بعد ذلك بجهاز جولجي Golgi apparatus. وتتكون هذه الأجهزة من أغشية وأكياس وتأخذ شكل الأوعية الملساء أو الحويصلات الصغيرة. وتشبه هذه الأوعية الشبكة الإندوبلازمية، بل وتكون على إتصال بها.
وتعمل هذه الأجسام والأوعية كمكان تتجمع فيه المواد البروتينية التي تكونها الريبوسومات، ثم تنتقل بعد ذلك إلى الشبكة الإندوبلازمية. كما تختزن فيها المواد الدهنية والإنزيمات. وتقوم أوعية جهاز جولجي بنقل المواد التي تفرزها إلى جميع أجزاء الخلية مثلها مثل الشبكة الإندوبلازمية. كما تتحرك الأجسام أو الحويصلات الخاصة بهذا الجهاز داخل سيتوبلازم الخلية، لتمد أجزاءها بما تحمله من مواد.
6. السنتروسوم:
يوجد بالخلية جسم مركزي يعرف بإسم السنتروسوم centrosome وذلك على مقربة من نواة الخلية. ويتكون هذا الجسم من جزأين يطلق على كل منهما السنتريول centriol، وهما أساس نشاط السنتروسوم الأساسي، وهو نشاط هام في عملية انقسام الخلية، حيث يتجه كل سنتريول - عندما تبدأ الخلية في الانقسام - إلى أحد قطبي الخلية، ثم تمتد منها ألياف دقيقة من البروتين تتجه نحو منتصف الخلية، مكونة ما يعرف باسم خيوط المغزل.
7. مكونات أخرى في السيتوبلازم:
يحتوي سيتوبلازم الخلية على مجموعة من المواد الكيميائية الأخرى كالدهون، والهرمونات، والكربوهيدرات، والفيتامينات، والأملاح المعدنية. أما بالنسبة لقطرات الدهون فهي منتشرة في الخلية، وتعد مصدراً هاماً من مصادر الطاقة، حيث يتم أكسدتها فينتج عن ذلك قدر كبير من الطاقة أكبر بكثير من أكسدة الجلوكوز. وعادة ما تختزن الدهون في أنسجة بعض المناطق الخاصة في الجسم لإعادة استخدامها مرة أخرى في توليد الطاقة إذا لزم الأمر ذلك.
كذلك تحتوى الخلية على الهرمونات التي تلعب دوراً هاماً في العمليات الحيوية في الجسم. ومع ذلك فهي لا توجد في كل أجزاء الجسم، وإنما تفرزها مجموعة من الغدد التي يطلق عليها الغدد الصماء. ولكل هرمون دور معين، ووظيفة ثابتة، ومن أمثلة ذلك هرمون النمو، وهرمون الإنسولين، والهرمونات الجنسية، وهرمون الكورتيزون، وهرمون الغدة الدرقية، وهرمون الأدرينالين، وغير ذلك.
أما بالنسبة للمواد الكربوهيدراتية التي تحتويها الخلية فأهمها مجموعة من المواد السكرية تشمل الجلوكوز Glucose(سكر العنب)، والفراكتوز Fractose (سكر الفاكهة)، والسكروز Sucrose (سكر القصب). كما يوجد نوع خاص يسمى بسكر الريبوز Ribose الذي يدخل في تكوين الأحماض النووية. كما يوجد نوع خاص من النشا يسمى بالنشا الحيواني أو الجليكوجين Glycogene، تمييزاً له عن النشا النباتي. وتعد هذه المواد من المصادر الهامة للطاقة، فكما أوضحنا من قبل فإن جزيء واحد من الجلوكوز (180 جراما) يكفي عند أكسدته تأكسداً كاملاً أن يعطي 690000 سعراً حرارياً. كما يمكن عند الضرورة أن يقوم هرمون الأدرينالين (هرمون تفرزه الغدة الكظربة) بتحويل الجليكوجين المختزن في الكبد إلى سكر بالدم، تتم أكسدته للحصول على الطاقة اللازمة.
وتحتوي الخلية على مجموعة من المواد الهامة في تنظيم عملياتها الحيوية وهي الفيتامينات التي يؤدي النقص فيها إلى اختلال وظائف الجسم، بل والمرض أو الوفاة. وتشمل هذه الفيتامينات العديد من الأنواع نذكر منها ما يلي:
فيتامين (أ): وهو مكون هام لصحة وسلامة خلايا الجلد، وخلايا العين الخاصة باستقبال الضوء.
فيتامين (ب) المركب وهي مجموعة من الفيتامينات تشمل ب1، ب2، ب6، ب12، وهي هامة بالنسبة لسلامة الأنسجة العصبية بوجه عام.
فيتامين (ج) أو حمض الأسكوربيك الذي يلعب دوراً هاماً في تكوين الأنسجة الضامة في الجسم connective tissues ، وأنسجة العظام، والأسنان، وجدران الأوعية الدموية.
فيتامين (د) وهو يحافظ على توازن أيونات الكالسيوم والفوسفور في الجسم، وله علاقة وثيقة بتكوين العظام.
فيتامين (ك) وهو المسئول عن توقف عمليات النزف، ويسبب تخثر (تجلط) الدم.
وأخيراً تأتي الأملاح المعدنية التي تسبح في سيتوبلازم الخلية على هيئة أيونات، وتشمل العديد من الأملاح من أهمها الكالسيوم، والصوديوم، والبوتاسيوم، والماغنسيوم. ولكل من هذه الأيونات وظيفة معينة، فأيونات الكالسيوم ضرورية بالنسبة لعمل الإنزيمات وسرعة نشاطها، كما أنها هامة بالنسبة لتوصيل الإشارات العصبية. أما أيونات الصوديوم فتعمل على ضبط عملية إنتشار المواد ونفاذها عبر جدار الخلية، وتساعد أيونات البوتاسيوم على تقلص العضلات، وضبط الإشارات العصبية.
ب- نواة الخلية:
لكل خلية نواة Nucleus كروية الشكل أو بيضاوية، تقع في منتصف الخلية تقريباً، ويحيط بها السيتوبلازم من كل جانب. وتُعد هذه النواة بمثابة المخ بالنسبة للكائن الحي، إذ أنها تُعد مركز النشاط الحيوي في الخلية، فهي على درجة كبيرة من الأهمية، لكونها المسئولة عن العديد من العمليات كانقسام الخلية وتكاثرها، وانتقال الصفات الوراثية من جيل إلى آخر، كما أنها تعد مركز الهيمنة والسيطرة الذي يعطى الأوامر لكل وظائف الخلية.
وأثناء مرحلة التطور الجسمي من الجنين إلى الشخص البالغ، تعمل نواة الخلية على تحديد نوع البروتين المطلوب تكوينه لكل خلية، ونوع البروتين هذا هو الذي يحدد تركيب كل خلية، والوظيفة التي ستقوم بها. وتتم عمليات الضبط والسيطرة عن طريق تفاعل كيميائي يحدد نوع التفاعل الذي ستقوم به الخلية، وهذه التعليمات (مشفرة) coded ولها الشفرة الخاصة بها التي تتحدد وراثياً.
وتتركب النواة من غشاء رقيق يسمى بالغشاء النووي nuclear membrane الذي يتكون من غشاءين متلاحمين معاً، ويوجد بينهما ثقوب صغيرة تتصل بالشبكة الإندوبلازمية، كما يوجد بداخله السائل النووي. ويوجد داخل هذا الغشاء كتلة متشابكة من الخيوط الدقيقة التي تعرف بالخيوط أو الشبكة الكروماتينية chromatin. وعندما تصبح الخلية على وشك التكاثر بانقسام نفسها إلى خليتين فإن الشبكة الكروماتينية تتكثف على هيئة مجموعة من الأجسام تسمى بالكروموسومات أو الصبغيات أو الأجسام الملونة chromosome. كما تعرف أيضاً بمادة الوراثة نظراً لأنها المسئولة عن هذه العملية. ويوجد في كل خلية من خلايا الجسم البشرى 23 زوجاً من هذه الكروموسومات. ويتركب كل كروموسوم من قضيبين مزدوجين ومتماثلين يُسمى كل منهما بالكروماتيد chromatide، يرتبطان معاً ويلتصقان في نقطة مركزية تسمى بالسنترومير centromere.
ويوجد بداخل كل كروموسوم خيوط كيميائية طويلة ومجدولة من البروتينات والحمض النووي المعروف بالدنا (D.N.A). ويعتقد أن كل كروموسوم يدخل في تركيبه جزيء واحد من الـ (دنا) يمتد من أحد طرفيه إلى الطرف الآخر، ويلتف حول نفسه عدة مرات، ويرتبط بالعديد من البروتينات، مكوناً الكروماتين. ويوجد هذا المركب على شكل سلم حلزوني لولبي بلا نهاية، يُسمى بالحلزون المزدوج Double Helix، والذي يشكل ما يُعرف بالجينات أو المورثات Genes.
ويتكون الحمض النووي (D.NA) من سلسلة طويلة تنتظم فيها جزيئات تسمى النيوكليوتيدات Nucleotides ، ويتركب كل نيوكليوتيد من مكونات ثلاثة هي: سكر الريبوز، وجزيئات من الفوسفات ، وواحدة من القواعد النيتروجينية الأساسية الأربعة. وهذه القواعد هي: الأدينين Adenine، والجوانين Guanine، والثايمين Thymine، والسيتوزين Cytosine. ويُرمز لهذه القواعد بالحروف C, T, G, A على الترتيب. وهذه السلسلة تلتف حول نفسها لتترابط مجموعة السكر على كل ناحية بالمجموعة الأخرى على الجانب الآخر من السلسلة، وذلك بالتتابع لآلاف المرات. ويعني هذا أنه يوجد بين كل جزأين من السكر مجموعتين من القواعد الأساسية، وذلك على طول سلسلة الحمض النووي، وتترتب بطرق متعددة، فقد يتلو بعضها البعض، وقد تتكرر الواحدة منها أكثر من مرة، وهكذا. ولنا أن نتصور الاحتمالات الناتجة من هذا الترتيب، وما يمكن أن ينشأ عنها من تركيبات يعد كل منها شفرة خاصة تبنى عليها الصفات الوراثية لكل حمض نووي، ومن ثم الصفات الوراثية المميزة للفرد. ويمكن تصور الأمر على نحو حروف الأبجدية التي يمكن أن نرتبها بطرق عديدة، ليعطينا كل ترتيب كلمة معينة، فهل يمكن أن نتصور ما قد ينشأ من كلمات إذا ما قمنا بذلك.
وترتبط سلسلتا الحلزون المزدوج معاً عن طريق القواعد الأربعة التي ذكرناها آنفا. وعادة ما يقابل قاعدة الأدينين في إحدى السلسلتين قاعدة ثايمين في السلسلة المقابلة، كما يرتبط الجوانين في إحدى السلسلتين بالسيتوزين في السلسلة المقابلة. ومن ثم يصبح السلم الحلزوني يتركب من هيكل (سلسلتين) يمثل جزيئات السكر والفوسفات، بينما تمثل القواعد الأربعة درجات السلم. وعادة ما يتكون كل حلزون من عشر نيوكليوتيدات مجدولة، وإذا أمكن فك هذا الحلزون في كل كروموسوم ووضعت جزيئات السلم ممتدة معا فقد يصل طول هذا السلم إلى 2 متر.
وفي كل جزيئات الـ (دنا) يكون عدد النيوكليوتيدات المحتوية على الأدينين مساوياً لعدد النيوكليوتيدات المحتوية على الثايمين، وكذلك الأمر بالنسبة للنيوكليوتيدات التي تحتوي على الجوانين، فإنها تتساوى مع تلك المحتوية على السيتوزين.
نواة الخلية والمادة الوراثية: تعتبر الجينات جزيئات من الحمض النووي(D.N.A) تتجمع فيها التعليمات الوراثية، وهي بالتالي تحمل سجلاً لماضي الجسم، كما أنها تحوي شفرة وخريطة مستقبله، إذ أن هذه التعليمات هي المسئولة عن تكوين الخصائص الجسمية لكل جزء في الجسم، ومن ثم يطلق عليها المحتوى الجيني أو الوراثي للفرد. فبعض الجينات يحمل التعليمات الخاصة ببناء البروتين، والبعض الآخر يحمل التعليمات الخاصة بتتابع النيوكليوتيدات في جزيء الـ (رنا R.N.A ) الموجود في الريبوسومات. وبالإضافة إلى ما تحمله الجينات من معلومات وراثية خاصة بالفرد ككل، فإنها تحمل أيضاً المعلومات الوراثية اللازمة لبناء كل تركيب ووظيفة في الجسم والتحكم فيها. ويفسر ذلك أن احتياجات كل خلية تختلف عن احتياجات خلية أخرى، فما تحتاجه خلية عصبية مثلا يختلف تماماً عن احتياجات خلية تنتج الإنسولين في البنكرياس ....الخ. وهذه الشفرة الوراثية تتكون نتيجة ترتيب ترابط القواعد النيتروجينية للحمض النووي، وهي شفرة خاصة ببناء البروتينات المختلفة التي تحتاجها الخلية في عملها، وهذه التعليمات الوراثية تتحكم في جميع صفات الكائن الحي من لون العيون، والبنية الجسمية من طول وخلافه، بل تتحكم كذلك في طبيعة العمليات الحيوية التي تتم داخل الجسم، وتصبح مسئولة عن طبيعة التمثيل الغذائي. وكما سبق وقلنا عن حروف الأبجدية، فإن كل كلمة في القاموس تعتمد على ترتيب حروف الهجاء فيها، كذلك فإن تفرد كل مورث أو جين يعتمد على ترتيب القواعد الأربعة. ويكفي أن نقول أن عدد جينات كل خلية يتراوح بين 50-100 ألف جين، وبالتالي لنا أن نتصور كم الصفات الوراثية، وكم الشفرات التي توجد داخل الجسم البشري، إذا كان كل جين أو مجموعة جينات تحمل صفة بعينها.
ويتحكم الجين في الصفة الوراثية من خلال تحكمه في عمليات التفاعل الكيميائي داخل الخلية. ويعني هذا أن الصفة الوراثية تتحول في النهاية إلى عملية تفاعل كيميائي، حيث يتحكم الجين في إنتاج الإنزيمات اللازمة لجميع العمليات البيولوجية التي تحدث داخل الجسم. ولذلك فإن كل نوع من الخلايا التي تنتمي إلى جهاز معين يكون لها الجين الخاص بإنتاج الإنزيمات الضرورية لأداء وظيفة معينة كالهضم مثلاً، أو تكوين أصباغ لون الجلد، أو تكوين الهرمونات ... إلخ.
ويوجد داخل كل نواة جسم دقيق يعرف بإسم النوية Nucleulus، وهي عبارة عن تجمعات من الحمض النووي (رنا) أو R.N.A، وهو الحمض المسئول عن تخليق البروتين طبقا للشفرة التي يحملها. فهذا الحمض يقوم بدور الوسيط في قراءة الشفرة المكتوبة على جزيء حمض (الدنا) D.N.A، ثم يقوم بنقل هذه المعلومات وينطلق بها عبر سيتوبلازم الخلية ليصل إلى الريبوسومات التي تقوم بتخليق نوع البروتين وفقاً لطبيعة الرسالة القادمة إليها. وتشبه جزيئات الـ (R.N.A) جزيئات الـ (D.N.A) من حيث طبيعة التركيب، فهي تتكون من سلسلة طويلة من الوحدات البنائية المعروفة بإسم النيوكليوتيدات، وفيها يتكون كل نيوكليوتيد من ثلاثة وحدات هى السكر، والفوسفات، والقاعدة النيتروجينية. ومع ذلك توجد هناك أوجه اختلاف بين كل من الحمضين، ويمكن تلخيص أوجه الاختلاف هذه فيما يلي:
يحتوي حمض الرنا على سكر الريبوز، بينما يحتوي حمض الدنا على سكر اليوكسي ريبوز.
يتكون حمض الرنا (في أغلب الأجزاء) من شريط مفرد من النيوكليوتيدات، بينما يحتوي حمض الدنا على شريط مزدوج.
يختلف حمض الرنا عن حمض الدنا فيما يتعلق بطبيعة القواعد النيتروجينية الأربعة الموجودة في نيوكليوتيدات كل منهما. فعلىحين يحتوي الدنا على أدينين وجوانين وسيتوزين وثايمين، نجد الرنا يتكون من نفس القواعد مع وجود قاعدة اليوراسيل بدلاً من الثايمين، وهذه القاعدة هي التي ترتبط بالأدينين.
وجدير بالذكر أن كمية الدنا الموجودة بالخلايا تكاد تكون واحدة تقريبا في جميع الخلايا، مع الفارق في أن الخلايا الجسمية (الخلايا الخاصة بأجزاء الجسم) تحتوي على ضعف كمية الدنا الموجودة في الخلايا الجنسية (الخلايا الخاصة بنوع الفرد وهى الحيوان المنوي والبويضة). وذلك ببساطة لأن عدد الكروموسومات الموجودة في الخلية الجسمية (46 كروموسوماً) ضعف عدد الكروموسومات الموجودة في الخلية الجنسية (23 كروموسوماً).
وظائف الأحماض النووية:
قلنا أن الأحماض النووية تشكل المكون الوراثى للفرد، ويقوم كل نوع من هذه الأحماض بوظائف محددة في العمليات الوراثية، وانتقال الصفات. فالمعلومة الوراثية المختزنة في حمض (الدنا) تخدم غرضين أساسيين: الأول أنها مصدر المعلومات الهامة لتصنيع كل أنواع البروتين للخلية وللكائن الحي بشكل عام. والثاني أنها تعطي نسخة طبق الأصل من المعلومات الوراثية الخاصة بالخلية الأم، للخلايا الجديدة الناتجة من انقسام الخلية، ومن ثم فإنها تقوم في البداية بنسخ المعلومة لحمض (الرنا) ثم تعمل في المرحلة الثانية على تكرار المعلومة لجزيء (الدنا) الناتج. ويعني هذا أن كمية (الدنا) يجب أن تتضاعف لتعطي النسخة الثانية من المعلومات. وتسمى هذه العملية بعملية نسخ (الدنا)، وتتطلب وجود عدد من الإنزيمات والبروتينات في الخلية يسمح بعملية النسخ أو التضاعف.
أنواع حمض (R.NA):
على الرغم من أن حمض (الرنا) يتشابه إلى حد كبير مع حمض (الدنا) إلا أنه يختلف عنه في الوظائف. ففي حين نجد أن معظم جزيئات (الدنا) تحتوي على معلومات وراثية، نجد بعضها الآخر لا يحتوي على هذه المعلومات، أي أنها جزيئات لا تمثل شفرة بالنسبة للخلية، وقد تكون وظيفتها في هذه الحالة الحفاظ على تركيب الكروموسومات.
وإذا كانت المعلومات الوراثية هامة بالنسبة لتصنيع بروتين الخلايا، فإن عملية التصنيع هذه تتطلب وجود أنواع معينة من حمض (الرنا) نعرضها فيما يلي:
1- الحمض الرسول:
ويُعرف حمض الرسول Messenger R.N.A اختصارا باسم (mR.N.A)، ويتم بناؤه في النواة، ويوجد في بداية كل جزيء منه موقع إرتباطه بالريبوسوم، ومن ثم فهو ينتقل من النواة إلى الريبوسومات الموجودة على سطح الشبكة الإندوبلازمية ليدخل في عملية تصنيع البروتين، وكأنه بهذا المعنى ينتقل عبر السيتوبلازم حاملا رسالته ليشارك في تخليق البروتين. ولذا يقوم هذا النوع من الحمض بدور الوسيط الذي يقوم بفك الشفرة المكتوبة على جزيء (D.N.A) ثم يقوم بنقل هذه المعلومات من النواة إلى الريبوسومات.
2- الحمض الناقل:
ويعرف الحمض الناقل Transfere R.N.A اختصارا باسم (tR.N.A) ويدخل أيضاً في عملية بناء البروتين، ويتلخص دوره في نقل الأحماض الأمينية (المكونات الأساسية للبروتين) إلى الريبوسومات التي تستخدمها بعد ذلك في تصنيع البروتين. ويوجد من هذا الحمض أنواع عديدة إذ أن لكل حمض أميني (عشرون نوعاً) نوع خاص من (tR.N.A)، هو المسئول عن التعرف عليه، ونقله إلى الريبوسومات.
3- الحمض الريبوسومي:
النوع الثالث من أحماض (R.N.A) يسمى بحمض الريبوسوم Ribosome R.N.A ، ويعرف اختصاراً بإسم (rR.N.A). وكما يشير الاسم فهذا الحمض يدخل في بناء الريبوسومات، التي تتكون أساساً في نوية النواة. ويتم بناء البروتينات الداخلة في تركيب الريبوسومات في السيتوبلازم، ثم تنتقل هذه البروتينات إلى النواة عبر الغشاء النووي، حيث يتم تكوين الحمض النووي الريبوسومي، الذي ينتقل بعد ذلك إلى سطح الشبكة الإندوبلازمية مكوناً الريبوسومات.
وبعد .... فإنه يتضح لنا من خلال ما تناولناه في تركيب الخلية أن ما يحدث داخل الخلية الواحدة إنما هو صورة مصغرة لكل ما يحدث في بقية أجزاء الجسم، ويتضح لنا أيضاً أن هذه الوحدة الأساسية لبناء الكائن الحي تحمل داخلها كل العناصر المطلوبة للحياة، وأن نشاطها هو أساس نشاط الكائن الحي. وكما سبق وذكرنا فإن تجمع الخلايا معاً يعطي نسيجاً، وتجمع الأنسجة معاً يُعطي عضواً، وتجمع الأعضاء يعطى كائناً حياً. ونشاط هذا الكائن الحي ما هو إلا تجمع نشاط خلاياه التي تعد الواحدة منها عالماً فريداً قائماً بذاته.
انقسام الخلية، وعمليات التكاثر :
بعد أن تناولنا تركيب الخلية يبقى لنا أن نشير إلى عمليات الانقسام والتكاثر التي تمر بها الخلية واللازمة لعمليات النمو. والحقيقة أن عمليات التكاثر التي تتم داخل الجسم تتم على مستويين ينتج من كل منهما نوعان مختلفان من الخلايا، ولا نقصد بالاختلاف هنا اختلاف التركيب، إذ أن كل خلايا الجسم - كما ذكرنا من قبل - تتشابه في التركيب، وتختلف في الشكل والوظيفة. ولكن ما نقصده بالاختلاف يقتصر فقط على ما تحتويه الخلايا من عدد الكروموسومات. ويوجد بالجسم - وفق هذا البعد - نوعان من الخلايا هما : الخلايا الجسمية، والخلايا الجنسية.
1. الخلايا الجسمية: ويقصد بها الخلايا التي تتكون منها أعضاء الجسم المختلفة، ويؤدي تكاثرها إلى نمو الجسم سواء كان ذلك في الجنين، أو بعد الولادة وأثناء نمو الفرد. وتنتج هذه الخلايا من عملية انقسام الخلية بنوع من الانقسام يسمى الانقسام الميتوزي Mitosis أو الانقسام الخيطي، أو الانقسام غير المباشر. وتحتوي هذه الخلايا على العدد الكامل لكروموسومات الجسم (46كروموسوماً). وسوف نتعرف على طبيعة هذا النوع من الانقسام لاحقاً.
2. الخلايا الجنسية: ويقصد بها الخلايا التي تتكون منها أعضاء التناسل الأساسية، أو ما يعرف بالمناسل (الخصيتين، والمبيضين) وهي الخلايا المسئولة عن تحديد نوع جنس الفرد، ويكون عدد الكروموسومات فيها نصف عدد الكروموسومات الموجودة في الخلية الجسمية (23 كروموسوماً). وهذه الخلايا هي الحيوان المنوي Sperm عند الذكر، والذي ينتج من عملية انقسام خلايا الخصية، والبويضة Ovum وتنتج من انقسام خلايا المبيض. وهذا الانقسام يسمى بالانقسام الميوزي Miosis أو الانقسام المنصف، أو الاختزالي، نظراً لأنه ينصف أن يختزل عدد الكروموسومات الناتجة من انقسام الخلية الأم.
عمليات الانقسام:
قلنا أن كلاً من الخلايا الجسمية والخلايا الجنسية ينشأ عن نوع مختلف من الانقسام، ويمكن أن نستعرض هذين النوعين فيما يلي:
1. الانقسام الميتوزي: وهو الانقسام الذي يحدث في الخلايا الجسمية فقط، ويؤدي إلى نمو الجسم، وتكاثر خلاياه، ويسمى هذا التكاثر بالتكاثر اللاجنسي. وتكون الخلايا الناتجة منه متماثلة في عدد الكروموسومات للخلية الأصلية التي بدأ فيها الانقسام، كما تتماثل هذه الخلايا معها في التركيب والوظيفة، بمعنى أنها لها نفس الإمكانيات الوراثية، وتقوم بنفس وظيفة الخلية الناشئة عنها. فإذا كان الخلية الأم خلية خاصة بالجهاز الهضمي مثلاً كانت الخلية الجديدة أيضاً بنفس تركيب الخلية الهضمية، وتقوم بنفس وظائفها. بمعنى آخر فهو يهدف إلى توصيل الجينات بدقة بالغة إلى كل خلية جسمية منذ تكوين الجنين، وحتى تكوين الجسم كله. وعادة ما يكون هذا الانقسام سريعاً (عدة ساعات).
2- الانقسام الميوزي: وهو الانقسام الذي يحدث في المناسل (أعضاء التناسل) كالخصيتين والمبيضين، وذلك بهدف إنتاج ما يعرف بالأمشاج أو الجاميتات Gamets (الحيوان المنوي أو البويضة) المسئولة عن التكاثر الجنسي. ويكون عدد الكروموسومات في الخلايا الناتجة نصف عددها في الخلية الأصلية (23 كروموسوماً). وهو المسئول عن تضاعف خلايا الخصيتين والمبيضين فقط. ونظراً لأن عدد الكروموسومات يختلف في الخلايا الناتجة عن الخلية الأم، فإن التركيب الوراثي لهذه الخلايا يكون مختلفاً، ومن ثم تختلف صفات الكائن الجديد لتغير الكروموسومات عشوائياً عند توزيعها.
وجدير بالذكر أن عمليات الانقسام السابقة بنوعيها تتم على مجموعة من المراحل، التي تختلف نسبياً في كل نوع عن الآخر، ولسنا بصدد تناولها بالتفصيل، ولكن نختصر الأمر فنقول أن العملية تبدأ عادةً بتفكك الشبكة الكروماتينية الموجودة في نواة الخلية، ثم تصطف كروموسومات الخلية، وتنشق إلى نصفين (كروماتيدين) من منطقة السنترومير، وتتجه إلى قطبي الخلية على هيئة المغزل، ثم ينقسم السيتوبلازم في النهاية لتتكون خليتان جديدتان، يحتوي كل منهما على المكونات الأساسية للخلية، مع اختلاف عدد الكروموسومات تبعاً لطبيعة ونوع الانقسام كما ذكرنا من قبل.
[/right][center][/justify]
تعد الخلية الحية cell الوحدة الأساسية في بناء الكائنات الحية على اختلاف أنواعها - إنساناً أو حيواناً أو نباتاً- وإن اختلفت في أشكالها ووظائفها. والخلية الحية يمكن اعتبارها عالماً فريداً قائماً بذاته، وعلى درجة عالية من التعقيد على الرغم من صغر حجمها، حيث لا يمكن أن نراها بالعين المجردة. وداخل هذا الكيان المتناه في الصغر توجد آلاف من الجزيئات العضوية المختلفة الأشكال والوظائف. كما يتم داخلها مجموعة من التفاعلات الكيميائية الهامة والمعقدة، وتتم جميع العمليات الحيوية من بناء وهدم. وبمعنى آخر فإن هذه الوحدة تكاد تمثل نشاط الجسم كله، الذي هو نتاج نشاط جميع خلاياه.
ويرجع الفضل في اكتشاف الخلايا الحية إلى العالم الإنجليزي روبرت هوك R.Hooke الذي استطاع في القرن السابع عشر (عام 1665) أن يصنع لنفسه ميكروسكوباً استخدمه في فحص بعض الأنسجة النباتية ومنها نبات الفلين، فاكتشف وجود فراغات صغيرة وتقسيمات منتظمة في رقائق الفلين، منفصلة عن بعضها البعض، وتشبه خلايا عش النحل، وأطلق على كل وحدة من هذه الوحدات خلية، وهو إسم يعني الفجوة الصغيرة. وفي عام 1673 استطاع العالم الهولندي ليفنهوك أن يكتشف الخلايا الحيوانية، بعد أن صنع ميكروسكوباً ذا قوة تكبيرية أكبر، ساعدت على التعرف على أجزاء النسيج الحيواني. وعلى الرغم من هذا التاريخ الطويل إلا أن الخلية ظلت لفترة طويلة وإلى وقت قريب مجهولة التفاصيل، ولم يتمكن العلماء من معرفة أجزائها ومكوناتها على نحو دقيق إلا في منتصف هذا القرن، وساعدهم في ذلك التقدم التكنولوجي في صنع الميكرسكوبات الإلكترونية، ذات القوة الجبارة في التكبير.
وتختلف الكائنات الحية بشكل عام في عدد الخلايا التي تتكون منها، كما تختلف في أشكالها ووظائفها أيضاً. فالكائن الحي الذي يتركب من خلية واحدة -كالبكتيريا- يقوم بجميع العمليات الحيوية اللازمة لبقائه داخل هذه الخلية الوحيدة. فهي التي تقوم بالحركة والتنفس، وعمليات التمثيل الغذائي، وعمليات التخلص من نواتج هذا التمثيل. بالإضافة إلى ذلك فإنها تقوم بعمليات الدفاع المختلفة التي تحتاجها في التخلص مما يحيط بها من أخطار. ومثل هذا النوع من الكائنات لا يملك أي خلايا متخصصة، تقوم كل منها بوظيفة محددة، وإنما خلية واحدة متعددة الوظائف. والأمر هنا يختلف عن الحيوانات والإنسان حيث نجد ملايين الخلايا المتخصصة.
وإذا ما نظرنا إلى الجسم البشري فسوف نجد أنه يتكون مما يقرب من مائة تريليون خلية أو أكثر. ويكفي القول لتوضيح ذلك بأن البوصة المربعة من جلد الإنسان تحتوي على حوالي مليون خلية، بينما يحتوي المخ على أكثر من ثلاثين بليون خلية. وهذه الخلايا لا توجد في فراغ، وإنما تسبح - إن صح التعبير - في محيط مائي يمكن تسميته بالبحر الداخلي، حيث يمثل الماء 60% من الوزن الكلي لجسم الإنسان. وهذا الماء موزع على النحو التالي: 40% موجود داخل الخلايا intracellular ، 15% موجود خارج الخلايا extracellular، 5% في الدم. والخلايا بشكل عام تحصل على احتياجاتها من الغذاء والأكسجين اللازم لعملياتها الحيوية من السائل المحيط بها. وفي نفس الوقت تفرز الخلايا في هذا السائل ما ينتج من هذه العمليات من نواتج احتراق غير مرغوب فيها، ولا يمكن للخلية الاحتفاظ بها داخلها. ويحمل الدم بعد ذلك هذه النواتج لينقلها إلى الكليتين بغرض التخلص منها إلى خارج الجسم في صورة البول.
والخلية الحية داخل جسم الإنسان على درجة عالية من التخصص. وكل مجموعة متشابهة من الخلايا تتخصص في القيام بوظيفة واحدة، أو عدة وظائف متخصصة. وينشأ من تجمع الخلايا معاً ما يُسمى بالنسيج الحي tissue ، وكل مجموعة من الأنسجة تتجمع معاً لتكون ما يُسمى بالعضو organ، وكل مجموعة من الأعضاء تكون ما يسمى بالجهاز system. وكي نوضح الأمر فإن تجمع الخلايا العصبية مثلا ينتج عنه تكوين النسيج العصبي الذي يتجمع ليُكوّن المخ مثلاً والمخيخ والحبل الشوكي. وهي مجموعة من الأعضاء التي تُكوّن في النهاية الجهاز العصبي بشكل عام. ونفس الكلام ينطبق على المريء والمعدة والأمعاء، وكلها تُكوّن الجهاز الهضمي. ولذلك فإننا نلاحظ أن جسم الإنسان يتكون من مجموعة من الأجهزة المتخصصة، التي يقوم كل منها بوظيفة محددة، لا تستطيع الأجهزة الأخرى القيام بها. فوظيفة الجهاز التنفسي مثلاً تتحدد في امتصاص الأكسجين من هواء الشهيق، والتخلص من ثاني أكسيد الكربون، حيث يُعد الغاز الأول مطلوباً ولازماً لعمليات التفاعل التي تتم داخل الجسم، بينما يُعد الغاز الثاني أحد النواتج غير المرغوب فيها لعملية التمثيل الغذائي. بينما نرى وظيفة الجهاز الهضمي تتمثل في بلع الطعام وهضمه وتحويله إلى مواد بسيطة يتم امتصاصها، يتم التعامل معها للاستفادة منها وتوزيعها على أجزاء الجسم، وهكذا بالنسبة لبقية الأجهزة.
ونظراً لهذا التنوع في وظائف أجهزة الجسم المتخلفة، فإننا نلاحظ أن كل نسيج خاص بكل عضو إنما يتكون من مجموعة من الخلايا التي تتفق وطبيعة الوظائف التي يقوم بها، سواء من حيث الشكل أو من حيث التركيب. فخلايا الجهاز التنفسي لها القدرة على امتصاص الأكسجين، بالإضافة إلى أن بعضها يحتوى على مجموعة من الأهداب على السطح تساعد في طرد الأجسام الغريبة من مجرى الهواء، حتى يتسنى للرئتين القيام بالوظيفة على نحو أمثل. ولعل كل منا يتذكر أنه عند الإصابة بالبرد وحدوث إلتهابات في الشعب الهوائية، يظهر السعال (الكحة) الذي يتكرر من حين لآخر حتى يتم طرد الأجسام الغريبة في صورة البلغم. كما نتذكر عند دخول أي طعام أو سائل في الحنجرة بدلاً من المريء، تتحرك عضلات القصبة الهوائية بشدة لتحدث (الشرقة) حتى يتم التخلص من هذا الطعام، ليسمح بعد ذلك بمرور الهواء إلى الرئتين. ويمكن أن نتصور الأمر بالنسبة للأجهزة الأخرى، وما يمكن أن تقوم به من وظائف. ومن ثم يمكن أن نعتبر الخلية وحدة بناء الجسم والوظائف الحيوية. فمجموعها من حيث العدد يؤدي إلى تكوّن الأنسجة فالأعضاء فالأجهزة، ومجموع وظائفها يعطى وظائف الجسم بشكل عام.
تركيب الخلية الحية:
ساعد التطور التقني الحديث في صناعة الميكروسكوبات (المجاهر) الإلكترونية على الكشف عن الكثير من مكونات الخلية الحية، والتي كانت إلى وقت قريب عالماً شبه مجهول. بل إن الأمر لم يقتصر على معرفة الأجزاء العامة للخلية، بل وصل إلى حد التعرف على طبيعة الأجزاء الدقيقة في كل جزء من أجزائها. بالإضافة إلى ذلك فقد تم تزويد هذه الميكروسكوبات بأجهزة الكمبيوتر التي يمكنها تسجيل أجزاء الخلية والاحتفاظ بها، وكذلك رصد ما يحدث داخل الخلية من حركة الجزيئات وتفاعلاتها الكيميائية.
وتعتبر الخلية ببساطة تجمعاً لمجموعة من الجزيئات التي يحيط بها غشاء محدد. وتتكون الخلية بصفة عامة جزأين: الأول غشاء أو جدار الخلية، والثاني مادة البروتوبلازم protoplasm التي يحيط بها الغشاء، وتتميز إلى جزأين: سائل هلامي يُطلق عليه السيتوبلازم cytoplasm ، ونواة الخلية. وفيما يلي تناول هذه الأجزاء.
1- غشاء الخلية:
يُعد غشاء الخلية cell membrane بمثابة الجدار الواقي الذي يحمي الخلية، ويحافظ على محتوياتها، وينظم العلاقة بينها وبين ما يحيط بها، وينظم ما يدخل إليها، وما يخرج منها. بالإضافة إلى أنه المسئول عن الشكل العام للخلية نظراً لأنه يحيط بالسائل الهلامي الذي يتشّكل تبعاً لطبيعة جدار الخلية، بالضبط كما يتشكل الماء في الإناء الذي يحتويه. وتمثل أغشية الخلايا الحدود التي تفصل بين بعضها البعض. وقد أطلق كارل نيجلي K. Nageli عام 1855 على هذه الأغشية اسم الغشاء البلازمي plasma membrane.
ويتكون غشاء الخلية من بعض الجزيئات العضوية الدهنية التي تعرف بالفوسفوليبدات phospholipids حيث يشير المقطع (فوسفو) إلى الفوسفور، والمقطع (ليبيدات) إلى الدهون. بالإضافة إلى جزيئات البروتين. ويتكون جدار الخلية من المئات من هذه الجزيئات التي تتراص بجوار بعضها البعض بانتظام شديد، وبطريقة معقدة تشكل في النهاية ذلك الغشاء المحيط بالخلية. ويمكن أن نصور جزيء الفوسفوليبيد على نحو مبسط بجزأين: الأول يسمى رأس الجزيء وهو الذي يحتوي على الفوسفور، والثاني ذيل الجزيء ويتكون من الدهون. ويعد رأس الجزيء محباً للماء hydrophilic head أي ينجذب نحو الماء، بينما يعد ذيل أو هدب الجزيء كارهاً للماء hydrophobic أي يبتعد عن الماء
ويتكون الغشاء من طبقتين من الفوسفوليبيدات توجدان في اتجاهين متضادين. ونظراً لأن الخلية كما سبق وقلنا تسبح في الماء داخل الجسم، فإن الجزيئات المكونة لجدارها تنتظم بطريقة معينة، حيث تنتظم الجزيئات في الطبقة العليا بحيث تتجه الرؤوس الفوسفورية إلى الخارج لتلامس الماء الموجود خارج الخلية، بينما تنتظم جزيئات الطبقة السفلي بحيث تتجه الرؤوس الفوسفورية إلى الداخل لتلامس الماء الموجود بداخل الخلية. وعلى هذا النحو تصبح الذيول الدهنية (الكارهة للماء) لجزيئات كل من الطبقتين واقعة في وسط جدار الخلية، ومبتعدة عن الماء.
وبالإضافة إلى جزيئات الفوسفوليبيدات المكونة لغشاء الخلية توجد جزيئات أخرى هامة هي جزيئات البروتين، التي تتخلل طبقة الفوسفوليبيدات، ولها العديد من الوظائف، إذ أنها تساعد على دعم وتقوية جدار الخلية، كما تعمل كمناطق فصل بين الأجزاء الدهنية في الغشاء، بالإضافة إلى أنها تعمل على حمل المواد التي سيتم نقلها من الخلية أو إليها، حيث تستقبل الهرمونات وتعمل كقنوات تساعد على عملية التبادل بين السيتوبلازم داخل الخلية من ناحية، والوسط المائي المحيط بالخلية من ناحية أخرى. كذلك تلعب هذه البروتينات دوراً هاماً في عمليات الدفاع داخل جسم الإنسان، لأنها تعمل على تمييز خلايا الجسم عن غيرها من الخلايا الدخيلة ممثلة في الميكروبات، وبالتالي فهي تساعد الأجسام المضادة antibodies التي يفرزها الجسم للدفاع عن نفسه، في التعرف على الخلايا الغريبة عنه لتهاجمها، وتترك خلايا الجسم.
ويتميز غشاء الخلية بخاصية هامة هي خاصية شبه النفاذية semi permeability، فغشاء الخلية غشاء شبه نفاذ، أي يسمح لبعض المواد بالنفاذ من خلاله ولا يسمح للبعض الآخر بذلك. وهذه الخاصية تساعده على التحكم بصورة بالغة في نفاذ المواد الداخلة إلى الخلية أو الخارجة منها، وذلك وفقاً لاحتياجات الخلية. وتوجد على هذا الجدار بوابات gates ومستقبلات خاصة تعمل على تنظيم هذه العملية.
2- البروتوبلازم:
يعد البروتوبلازم المادة الأساسية للحياة، وكلمة البروتوبلازم كلمة ذات أصل لاتيني ذات مقطعين (بروتو) وتعني أولي أو أساسي، و(بلازم) وتعني المادة الحية، والكلمة في مجملها تعني المادة الحية الأولية. والبروتوبلازم مادة شبه سائلة تشبه في قوامها زلال البيض، ويشكل الماء أربعة أخماس وزنها، وتسبح فيها الكثير من الأجسام العضوية على هيئة حبيبات. كما يوجد فيها العديد من المواد العضوية كالكربوهيدرات، والدهون، والبروتينات، والأحماض النووية. بالإضافة إلى ذلك توجد الأملاح المعدنية كأملاح الحديد والكالسيوم والصوديوم والبوتاسيوم وغيرها. وكما سبق وذكرنا فإن البروتوبلازم ينقسم أو يتميز إلى السيتوبلازم، ونواة الخلية. وسنعرض فيما يلي لكل منهما.
أ- السيتوبلازم:
السيتوبلازم cytoplasmكلمة مكونة من مقطعين (سيتو) بمعنى له علاقة بالخلية، و(بلازم) أى المادة الحية، والكلمة في مجملها تعني المادة الحية الخاصة بالخلية. وهو سائل هلامي يوجد داخل الخلية، ويحيط به جدارها. ويشكل الماء 60-90% من وزنه. والسيتوبلازم سائل لزج يشبه في قوامه بياض البيض، تسبح فيه مئات من الجسيمات المختلفة الأشكال والوظائف والتركيب. ويتكون هذا السائل من الأحماض الأمينية amino acids (وهى الجزيئات المكونة للبروتينات) مع مزيج من المواد الكيميائية العالقة به أو الذائبة فيه. وتتم في هذا السائل عمليات التفاعل الكيميائي المستمر، والمسئول عن النشاط الحيوي في جسد الكائن الحي. ويحتوي السيتوبلازم على مجموعة هامة من المكونات تشمل: الشبكة الإندوبلازمية، والريبوسومات، والميتوكوندريا، وجهاز جولجي، والليسومات، والجسم المركزي أو ما يعرف بالسنتروسوم. وفيما يلي تركيب ووظيفة كل من هذه المكونات:
1. الشبكة الإندوبلازمية :
أكتشف بورتر Porter الشبكة الإندوبلازمية Endoplasmic Reticulum عام 1945. وتشير الكلمة الأولى منها (Endoplasmic) إلى وجود شيء بداخل السيتوبلازم، بينما تعني الكلمة الثانية (Reticulum) الشبكة. والكلمة في مجملها تعني الشبكة الموجودة داخل السيتوبلازم. وتعد هذه الشبكة محطة الريبوسومات المسئولة عن تكوين البروتينات.
وتتكون الشبكة الإندوبلازمية من مجموعة من التجاويف الدقيقة جداً، والتي تتخذ شكل الأنابيب الوعائية التي تحيط بها أغشية رقيقة، وتتشابك هذه الأنابيب لتكون داخل الخلية شبكة متصلة. ويمكن القول بأن هناك نوعين على الأقل من الشبكات الإندوبلازمية: الأول النوع الخشن، وفيه نجد على السطح الخارجي للشبكة مجموعة من الحبيبات الدقيقة هي الريبوسومات، وهو ما يعطيها السطح الخشن، والنوع الثاني النوع الأملس الذي يفتقر إلى هذه الريبوسومات، فيكون سطحها أملساً. وتلعب هذه الشبكة دوراً رئيسياً في توصيل الغشاء الخارجي للسيتوبلازم، بالغشاء الداخلي لنواة الخلية، كما أنها تمتد فيما بين الخلايا لتصل إلى أغشية الخلايا المجاورة، مما يساعد على ترابط الشبكة الإندوبلازمية للخلايا المختلفة. وتمثل الشبكة الإندوبلازمية دعامة داخلية لسيتوبلازم الخلية، وكأنها هيكل يقوي من شكل الخلية.
ويمكن أن نوجز وظائف هذه الشبكة في أنها تعمل على توصيل المواد الغذائية داخل أجزاء سيتوبلازم الخلية الواحدة، أو تعمل على نقل هذه المواد من نواة الخلية إلى السيتوبلازم، أو نقلها من خلية إلى أخرى. كما تعمل على نقل المواد من خارج الخلية إلى داخلها. بالإضافة إلى ذلك يقوم النوع الخشن منها (المحتوى على الريبوسومات) بدور هام في تكوين وتخليق البروتين، بينما يقوم النوع الأملس منها (المفتقر إلى الريبوسومات) بتخليق وتكوين الدهون والجليكوجين، ولذلك يكثر هذا النوع في الأماكن المسئولة عن تخليق هذه المكونات كالخلايا الدهنية، وخلايا الكبد.
2. الريبوسومات:
الريبوسومات Ribosome عبارة عن حبيبات دقيقة جداً توجد بكثرة على السطح الخارجي للشبكة الإندوبلازمية الخشنة، كما أنها توجد متجمعة بين أجزاء هذه الشبكة في السيتوبلازم. وتتكون هذه الحبيبات من الحمض النووي المعروف باسم حمض الريبونيوكلييك Ribo Nucleic Acid، والمعروف اختصارا بالـ (R.N.A) أو الرنا. وتعتبر الريبوسومات المصانع الرئيسية المسئولة عن تخليق البروتين، حيث تحتوي على مجموعة من الإنزيمات التي تعمل على ربط الأحماض الأمينية.
3. الميتوكوندريا:
وُصفت الميتوكوندريا Mitochondria على يد العالم فليمنج Flemming، ولكن كان أول من سماها بهذا الاسم العالم بيندا Benda عام 1897 . وتتكون الكلمة من مقطعين (ميتو) وتعنى الخيط، و(كوندريا) وتعنى الحية. وتعتبر الميتوكوندريا المصانع الرئيسية المولدة للطاقة في الخلية. وهى عبارة عن جسيمات صغيرة مستطيلة أو عصوية الشكل تسبح في السيتوبلازم، وتوجد داخل الخلايا بأعداد متوسطة، وإن كانت بعض أجزاء الجسم كخلايا الكبد تحتوي على أعداد هائلة منها تصل إلى الآلاف، بل وقد يصل حجمها إلى 20% من وزن الخلية. وتحتوي الميتوكوندريا على إنزيمات التنفس أو الإنزيمات اللازمة لعملية الأكسدة، كما تحتوي على أماكن تخزين الطاقة. وتتركب الميتوكوندريا من جزأين رئيسيين: الغلاف أو الجدار، والحشوة أو الجزء الداخلي أو الجسم.
أما عن الجدار فهو يتكون من طبقتين أو غشاءين رقيقين يفصل بينهما فراغ صغير. ويعطي الغلاف الخارجي الشكل الخاص بالميتوكوندريا، بينما ينثني الغشاء أو الغلاف الداخلي فيعطي شكلاً متعرجاً داخل جسم الميتوكوندريا، وهذه التعرجات تساعد على زيادة مساحة السطح الداخلي الذي تتم فيه عمليات الأكسدة.
أما الحشوة أو الجسم الداخلي للميتوكوندريا فهو عبارة عن مادة عالية اللزوجة، تحتوي على بروتينات ودهون، وحبيبات الحمض النووي ديوكسى ريبونيوكلييك Deoxy ribo Nucleic Acid والمعروف اختصارا بالـدنا أو الـ (D.N.A). وفي هذا الجزء تتم عمليات أكسدة المواد الغذائية، وتحتاج عمليات الأكسدة هذه إلى مصدر مستمر من مصادر الطاقة، لدفع عمليات التفاعل (الأكسدة) إلى نهايتها. وتنتج من هذه العمليات أيضا كميات هائلة من الطاقة، يتم تخزينها لحين الاستفادة منها مرة أخرى في عمليات التفاعل. ويتم تخزين هذه الطاقة على هيئة مركبات تسمى مركبات أدينوزين ثلاثي الفوسفات Adenosine Tri Phosphate والتي تعرف اختصارا باسم (A.T.P). وهذا المركب يتحول إلى مركب الأدينوزين ثنائي الفوسفات Adenosine Di Phosphate أو (A.D.P) حيث ينتج من هذا التحول انطلاق الطاقة، ثم يتحد الـ (A.D.P) بمجموعة فوسفات أخرى ليكوّن الـ (A.T.P) وهكذا، لتخرج الطاقة التي تستخدمها الخلية والكائن الحى بوجه عام في وظائفها المختلفة.
وتستطيع الخلية أن تعيد استخدام الطاقة المختزنة على عدة أشكال، فهي تستطيع تحويل الطاقة الكيميائية إلى طاقة حركية تستخدمها العضلات، وقد تحولها إلى طاقة كهربية تستخدمها الأعصاب في نقل إشاراتها.
ويُعد سكر الجلوكوز Glucose هو المصدر الأساسي للطاقة بالنسبة للجسم، ويتحول الجلوكوز مع عمليات الأكسدة إلى ثاني أكسيد الكربون والماء، وينتج عن إحراق أو أكسدة مقدار قدره 180 جراماً من الجلوكوز طاقة عالية جدا تبلغ 690000 سعراً حرارياً. وعادة ما تتم عملية الأكسدة على مراحل حتى تستطيع الخلية أن تستخدم الطاقة الناتجة عن كل خطوة من خطوات التفاعل. ويتم تخزين هذه الطاقة الناتجة على هيئة جزيئات الـ A.T.P التي تُعد بمثابة البطارية التي تحتفظ بالطاقة، وتعطي هذه الطاقة لمن يريد استخدامها من أعضاء الجسم عند الطلب. ويمكن أن نلخص عملية استخلاص الطاقة وانتقالها في الخلية الحية على النحو التالي:-
يتأكسد سكر الجلوكوز الناتج عن تحلل المواد الغذائية، على عدة مراحل في التفاعلات الكيميائية، وفي كل خطوة من التفاعل ينتج مقدار من الطاقة، يتم استغلاله في تكوين جزيئات عالية الطاقة هي جزيئات الـ A.T.P التي تنتقل داخل الخلية من مكان لآخر لتعطي الطاقة اللازمة لمن يطلبها. وعندما تُعطي جزيئات الـ A.T.P بعض طاقتها تتحول إلى جزيئات الـ A.D.P وهي جزيئات ذات مستوى أقل في الطاقة. . ثم يتم إعادة شحن جزيء الـ A.D.P بمجموعة فوسفات ليتحول إلى جزيء A.T.P مرة أخرى محتفظاً بالطاقة.
ويكفي القول بأن عملية أكسدة جزيء واحد من الجلوكوز تعطي قدراً من الطاقة يكفي لتحويل 38 جزيئا من A.D.P إلى 38 جزيئاً من الـ A.T.P ، وأن عملية إعادة جزيء واحد من الـ A.D.P إلى جزيء من الـ A.T.P يحتاج إلى قدر من الطاقة يصل إلى حوالي 12000 سعراً حرارياً، أي أن تحول 38 جزيئاً يحتاج حوالي 456000 سعراً حرارياً، أن يستهلك نحو 66% من الطاقة الناتجة من أكسدة جزيء الجلوكوز (690000 سعراً).
4. الليسوسومات والإنزيمات:
تعتبر الليسوسومات Lysosomes الأجسام المسئولة عن عمليات الهدم في الخلية، إذ أنها كما يشير الاسم تعتبر الأجسام المحللة، فهي تحتوى على مجموعة كبيرة من الإنزيمات التي تعمل على تحلل الأجسام الكبيرة إلى وحدات صغيرة يمكن استخدامها بعد ذلك في تكوين مركبات جديدة، أو تمهيداً لعملية أكسدتها والحصول على الطاقة منها. وتتكون الليسوسومات من غشاء دقيق يحتوي داخله على عدد كبير من الأجسام الدقيقة التي تحتوي على إنزيمات التحلل المائي hydrolysis وتسمى هذه الإنزيمات (هيدروليز) hydrolase. وتقوم الإنزيمات الموجودة في الليسوسومات بعمليات تحلل البروتينات، أو تحلل الأحماض النووية، أو تحلل الدهون وغير ذلك. ويعمل الإنزيم الخاص بتحلل البروتينات التي نحصل عليها في الطعام مثلاً على تحللها إلى مكونات صغيرة هي الأحماض الأمينية التي يعاد استخدامها في تصنيع البروتين مرة أخرى، ليستفيد منه الجسم، وهكذا الأمر بالنسبة لبقية المكونات الغذائية، ولذلك تسمى إنزيمات هاضمة.
وجدير بالذكر أن الإنزيمات تتكون في سيتوبلازم الخلية، وتنتقل بعد ذلك إلى داخل الليسوسوم حيث يتم الاحتفاظ بها لحين عملها في عمليات التمثيل الغذائي. ويقوم غشاء الليسوسوم بعملية في غاية الأهمية تحافظ على ثبات وحياة الخلية، فهو يمنع خروج الإنزيمات من داخل الليسوسوم إلى السيتوبلازم، بينما يسمح بدخول الإنزيمات إلى داخل الليسوسوم لزيادة تركيزها. وتعد هذه العملية على درجة عالية من الأهمية، لأن خروج الإنزيمات إلى السيتوبلازم يؤدي إلى تفاعلها مع المكونات المختلفة للخلية، مما يعني حدوث خلل في عملياتها الحيوية، وقد يصل الأمر إلى تحلل هذه المكونات مما يتسبب في موت الخلية.
وتعتبر الإنزيمات بوجه عام أحد المكونات الهامة داخل الخلية نظراً لأنها المسئولة عن عمليات الهدم والبناء، حيث تستخدم كعوامل مساعدة في التفاعلات الكيميائية التي تتم داخل الخلية، وهي لا تدخل في عملية التفاعل، وإنما تساعد على دفع وتنشيط التفاعل إلى نهايته، ولذلك فهي تبقى دون تغيير ودون أن تفقد شيئا من تركيبها. ونظراً لأن هناك العديد من التفاعلات الكيميائية التي تتم داخل الخلية فلنا أن نتصور عدد الإنزيمات الموجودة بالخلية. وقد تم التوصل إلى ما يقرب من 60 نوعاً من الإنزيمات، التي هي عبارة عن جزيئات من البروتين محددة التركيب، بما يتفق ووظيفة التفاعل الذي تنشطه. ولذلك فالإنزيمات على درجة عالية من التخصص، فالإنزيم الخاص بتفاعل ما لا يمكن أن يقوم بتنشيط تفاعل آخر، كما أنه لا يتدخل في عمل إنزيم آخر.
وبالنسبة للإنزيمات الهاضمة التي سبقت الإشارة إليها فهي المسئولة عن عمليات تحويل البروتينات إلى أحماض أمينية كي يستخدمها الجسم بعد ذلك في تصنيع أنواع أخرى من البروتينات التي يحتاج إليها في بناء نفسه. ومن أمثلة هذه الإنزيمات إنزيم التريبسين Trypsine ، وإنزيم الكيموتريبسين Chemotrypsine. وعلى الرغم من أن هذه الإنزيمات مسئولة عن تحليل البروتينات، وهي مكونة من بروتينات أيضاً إلا أنها لا تقوم بتحليل نفسها، وإنما تهاجم جزيئات البروتين الأخرى وتحللها. وهناك مجموعة من الإنزيمات التي تقوم بدور الحارس في الخلية لتنظفها من الدخلاء، أو من المواد غير المرغوب فيها مثل الأجزاء الخلوية التالفة، وبعض النواتج الضارة الناتجة من عمليات التفاعل. كما يوجد نوع خاص يسمى باللايسوزايم Lysozyme، أو الإنزيم المحلل. ويرجع الفضل في اكتشافه إلى العالم البريطاني ألكسندر فليمنج (1881-1955) الذي اكتشف البنسلين. وهذا الإنزيم له قدرة عالية على إذابة وتحليل خلايا بعض البكتيريا. فهو يتحسس جدارها ويقوم بتحليل جزء منه، وكأنه يقضم جزءاً من الخلية ويثقبه، فإذا بمحتويات خلية البكتيريا تندفع إلى السوائل المحيطة بها وتموت.
5. جهاز جولجي:
تم في عام 1898 اكتشاف مجموعة من الأجسام الصغيرة الموجودة بالقرب من نواة الخلية سُميت بأجسام جولجي نسبة إلى مكتشفها العالم الإيطالي كاميللو جولجي C.Golgi. وسميت بعد ذلك بجهاز جولجي Golgi apparatus. وتتكون هذه الأجهزة من أغشية وأكياس وتأخذ شكل الأوعية الملساء أو الحويصلات الصغيرة. وتشبه هذه الأوعية الشبكة الإندوبلازمية، بل وتكون على إتصال بها.
وتعمل هذه الأجسام والأوعية كمكان تتجمع فيه المواد البروتينية التي تكونها الريبوسومات، ثم تنتقل بعد ذلك إلى الشبكة الإندوبلازمية. كما تختزن فيها المواد الدهنية والإنزيمات. وتقوم أوعية جهاز جولجي بنقل المواد التي تفرزها إلى جميع أجزاء الخلية مثلها مثل الشبكة الإندوبلازمية. كما تتحرك الأجسام أو الحويصلات الخاصة بهذا الجهاز داخل سيتوبلازم الخلية، لتمد أجزاءها بما تحمله من مواد.
6. السنتروسوم:
يوجد بالخلية جسم مركزي يعرف بإسم السنتروسوم centrosome وذلك على مقربة من نواة الخلية. ويتكون هذا الجسم من جزأين يطلق على كل منهما السنتريول centriol، وهما أساس نشاط السنتروسوم الأساسي، وهو نشاط هام في عملية انقسام الخلية، حيث يتجه كل سنتريول - عندما تبدأ الخلية في الانقسام - إلى أحد قطبي الخلية، ثم تمتد منها ألياف دقيقة من البروتين تتجه نحو منتصف الخلية، مكونة ما يعرف باسم خيوط المغزل.
7. مكونات أخرى في السيتوبلازم:
يحتوي سيتوبلازم الخلية على مجموعة من المواد الكيميائية الأخرى كالدهون، والهرمونات، والكربوهيدرات، والفيتامينات، والأملاح المعدنية. أما بالنسبة لقطرات الدهون فهي منتشرة في الخلية، وتعد مصدراً هاماً من مصادر الطاقة، حيث يتم أكسدتها فينتج عن ذلك قدر كبير من الطاقة أكبر بكثير من أكسدة الجلوكوز. وعادة ما تختزن الدهون في أنسجة بعض المناطق الخاصة في الجسم لإعادة استخدامها مرة أخرى في توليد الطاقة إذا لزم الأمر ذلك.
كذلك تحتوى الخلية على الهرمونات التي تلعب دوراً هاماً في العمليات الحيوية في الجسم. ومع ذلك فهي لا توجد في كل أجزاء الجسم، وإنما تفرزها مجموعة من الغدد التي يطلق عليها الغدد الصماء. ولكل هرمون دور معين، ووظيفة ثابتة، ومن أمثلة ذلك هرمون النمو، وهرمون الإنسولين، والهرمونات الجنسية، وهرمون الكورتيزون، وهرمون الغدة الدرقية، وهرمون الأدرينالين، وغير ذلك.
أما بالنسبة للمواد الكربوهيدراتية التي تحتويها الخلية فأهمها مجموعة من المواد السكرية تشمل الجلوكوز Glucose(سكر العنب)، والفراكتوز Fractose (سكر الفاكهة)، والسكروز Sucrose (سكر القصب). كما يوجد نوع خاص يسمى بسكر الريبوز Ribose الذي يدخل في تكوين الأحماض النووية. كما يوجد نوع خاص من النشا يسمى بالنشا الحيواني أو الجليكوجين Glycogene، تمييزاً له عن النشا النباتي. وتعد هذه المواد من المصادر الهامة للطاقة، فكما أوضحنا من قبل فإن جزيء واحد من الجلوكوز (180 جراما) يكفي عند أكسدته تأكسداً كاملاً أن يعطي 690000 سعراً حرارياً. كما يمكن عند الضرورة أن يقوم هرمون الأدرينالين (هرمون تفرزه الغدة الكظربة) بتحويل الجليكوجين المختزن في الكبد إلى سكر بالدم، تتم أكسدته للحصول على الطاقة اللازمة.
وتحتوي الخلية على مجموعة من المواد الهامة في تنظيم عملياتها الحيوية وهي الفيتامينات التي يؤدي النقص فيها إلى اختلال وظائف الجسم، بل والمرض أو الوفاة. وتشمل هذه الفيتامينات العديد من الأنواع نذكر منها ما يلي:
فيتامين (أ): وهو مكون هام لصحة وسلامة خلايا الجلد، وخلايا العين الخاصة باستقبال الضوء.
فيتامين (ب) المركب وهي مجموعة من الفيتامينات تشمل ب1، ب2، ب6، ب12، وهي هامة بالنسبة لسلامة الأنسجة العصبية بوجه عام.
فيتامين (ج) أو حمض الأسكوربيك الذي يلعب دوراً هاماً في تكوين الأنسجة الضامة في الجسم connective tissues ، وأنسجة العظام، والأسنان، وجدران الأوعية الدموية.
فيتامين (د) وهو يحافظ على توازن أيونات الكالسيوم والفوسفور في الجسم، وله علاقة وثيقة بتكوين العظام.
فيتامين (ك) وهو المسئول عن توقف عمليات النزف، ويسبب تخثر (تجلط) الدم.
وأخيراً تأتي الأملاح المعدنية التي تسبح في سيتوبلازم الخلية على هيئة أيونات، وتشمل العديد من الأملاح من أهمها الكالسيوم، والصوديوم، والبوتاسيوم، والماغنسيوم. ولكل من هذه الأيونات وظيفة معينة، فأيونات الكالسيوم ضرورية بالنسبة لعمل الإنزيمات وسرعة نشاطها، كما أنها هامة بالنسبة لتوصيل الإشارات العصبية. أما أيونات الصوديوم فتعمل على ضبط عملية إنتشار المواد ونفاذها عبر جدار الخلية، وتساعد أيونات البوتاسيوم على تقلص العضلات، وضبط الإشارات العصبية.
ب- نواة الخلية:
لكل خلية نواة Nucleus كروية الشكل أو بيضاوية، تقع في منتصف الخلية تقريباً، ويحيط بها السيتوبلازم من كل جانب. وتُعد هذه النواة بمثابة المخ بالنسبة للكائن الحي، إذ أنها تُعد مركز النشاط الحيوي في الخلية، فهي على درجة كبيرة من الأهمية، لكونها المسئولة عن العديد من العمليات كانقسام الخلية وتكاثرها، وانتقال الصفات الوراثية من جيل إلى آخر، كما أنها تعد مركز الهيمنة والسيطرة الذي يعطى الأوامر لكل وظائف الخلية.
وأثناء مرحلة التطور الجسمي من الجنين إلى الشخص البالغ، تعمل نواة الخلية على تحديد نوع البروتين المطلوب تكوينه لكل خلية، ونوع البروتين هذا هو الذي يحدد تركيب كل خلية، والوظيفة التي ستقوم بها. وتتم عمليات الضبط والسيطرة عن طريق تفاعل كيميائي يحدد نوع التفاعل الذي ستقوم به الخلية، وهذه التعليمات (مشفرة) coded ولها الشفرة الخاصة بها التي تتحدد وراثياً.
وتتركب النواة من غشاء رقيق يسمى بالغشاء النووي nuclear membrane الذي يتكون من غشاءين متلاحمين معاً، ويوجد بينهما ثقوب صغيرة تتصل بالشبكة الإندوبلازمية، كما يوجد بداخله السائل النووي. ويوجد داخل هذا الغشاء كتلة متشابكة من الخيوط الدقيقة التي تعرف بالخيوط أو الشبكة الكروماتينية chromatin. وعندما تصبح الخلية على وشك التكاثر بانقسام نفسها إلى خليتين فإن الشبكة الكروماتينية تتكثف على هيئة مجموعة من الأجسام تسمى بالكروموسومات أو الصبغيات أو الأجسام الملونة chromosome. كما تعرف أيضاً بمادة الوراثة نظراً لأنها المسئولة عن هذه العملية. ويوجد في كل خلية من خلايا الجسم البشرى 23 زوجاً من هذه الكروموسومات. ويتركب كل كروموسوم من قضيبين مزدوجين ومتماثلين يُسمى كل منهما بالكروماتيد chromatide، يرتبطان معاً ويلتصقان في نقطة مركزية تسمى بالسنترومير centromere.
ويوجد بداخل كل كروموسوم خيوط كيميائية طويلة ومجدولة من البروتينات والحمض النووي المعروف بالدنا (D.N.A). ويعتقد أن كل كروموسوم يدخل في تركيبه جزيء واحد من الـ (دنا) يمتد من أحد طرفيه إلى الطرف الآخر، ويلتف حول نفسه عدة مرات، ويرتبط بالعديد من البروتينات، مكوناً الكروماتين. ويوجد هذا المركب على شكل سلم حلزوني لولبي بلا نهاية، يُسمى بالحلزون المزدوج Double Helix، والذي يشكل ما يُعرف بالجينات أو المورثات Genes.
ويتكون الحمض النووي (D.NA) من سلسلة طويلة تنتظم فيها جزيئات تسمى النيوكليوتيدات Nucleotides ، ويتركب كل نيوكليوتيد من مكونات ثلاثة هي: سكر الريبوز، وجزيئات من الفوسفات ، وواحدة من القواعد النيتروجينية الأساسية الأربعة. وهذه القواعد هي: الأدينين Adenine، والجوانين Guanine، والثايمين Thymine، والسيتوزين Cytosine. ويُرمز لهذه القواعد بالحروف C, T, G, A على الترتيب. وهذه السلسلة تلتف حول نفسها لتترابط مجموعة السكر على كل ناحية بالمجموعة الأخرى على الجانب الآخر من السلسلة، وذلك بالتتابع لآلاف المرات. ويعني هذا أنه يوجد بين كل جزأين من السكر مجموعتين من القواعد الأساسية، وذلك على طول سلسلة الحمض النووي، وتترتب بطرق متعددة، فقد يتلو بعضها البعض، وقد تتكرر الواحدة منها أكثر من مرة، وهكذا. ولنا أن نتصور الاحتمالات الناتجة من هذا الترتيب، وما يمكن أن ينشأ عنها من تركيبات يعد كل منها شفرة خاصة تبنى عليها الصفات الوراثية لكل حمض نووي، ومن ثم الصفات الوراثية المميزة للفرد. ويمكن تصور الأمر على نحو حروف الأبجدية التي يمكن أن نرتبها بطرق عديدة، ليعطينا كل ترتيب كلمة معينة، فهل يمكن أن نتصور ما قد ينشأ من كلمات إذا ما قمنا بذلك.
وترتبط سلسلتا الحلزون المزدوج معاً عن طريق القواعد الأربعة التي ذكرناها آنفا. وعادة ما يقابل قاعدة الأدينين في إحدى السلسلتين قاعدة ثايمين في السلسلة المقابلة، كما يرتبط الجوانين في إحدى السلسلتين بالسيتوزين في السلسلة المقابلة. ومن ثم يصبح السلم الحلزوني يتركب من هيكل (سلسلتين) يمثل جزيئات السكر والفوسفات، بينما تمثل القواعد الأربعة درجات السلم. وعادة ما يتكون كل حلزون من عشر نيوكليوتيدات مجدولة، وإذا أمكن فك هذا الحلزون في كل كروموسوم ووضعت جزيئات السلم ممتدة معا فقد يصل طول هذا السلم إلى 2 متر.
وفي كل جزيئات الـ (دنا) يكون عدد النيوكليوتيدات المحتوية على الأدينين مساوياً لعدد النيوكليوتيدات المحتوية على الثايمين، وكذلك الأمر بالنسبة للنيوكليوتيدات التي تحتوي على الجوانين، فإنها تتساوى مع تلك المحتوية على السيتوزين.
نواة الخلية والمادة الوراثية: تعتبر الجينات جزيئات من الحمض النووي(D.N.A) تتجمع فيها التعليمات الوراثية، وهي بالتالي تحمل سجلاً لماضي الجسم، كما أنها تحوي شفرة وخريطة مستقبله، إذ أن هذه التعليمات هي المسئولة عن تكوين الخصائص الجسمية لكل جزء في الجسم، ومن ثم يطلق عليها المحتوى الجيني أو الوراثي للفرد. فبعض الجينات يحمل التعليمات الخاصة ببناء البروتين، والبعض الآخر يحمل التعليمات الخاصة بتتابع النيوكليوتيدات في جزيء الـ (رنا R.N.A ) الموجود في الريبوسومات. وبالإضافة إلى ما تحمله الجينات من معلومات وراثية خاصة بالفرد ككل، فإنها تحمل أيضاً المعلومات الوراثية اللازمة لبناء كل تركيب ووظيفة في الجسم والتحكم فيها. ويفسر ذلك أن احتياجات كل خلية تختلف عن احتياجات خلية أخرى، فما تحتاجه خلية عصبية مثلا يختلف تماماً عن احتياجات خلية تنتج الإنسولين في البنكرياس ....الخ. وهذه الشفرة الوراثية تتكون نتيجة ترتيب ترابط القواعد النيتروجينية للحمض النووي، وهي شفرة خاصة ببناء البروتينات المختلفة التي تحتاجها الخلية في عملها، وهذه التعليمات الوراثية تتحكم في جميع صفات الكائن الحي من لون العيون، والبنية الجسمية من طول وخلافه، بل تتحكم كذلك في طبيعة العمليات الحيوية التي تتم داخل الجسم، وتصبح مسئولة عن طبيعة التمثيل الغذائي. وكما سبق وقلنا عن حروف الأبجدية، فإن كل كلمة في القاموس تعتمد على ترتيب حروف الهجاء فيها، كذلك فإن تفرد كل مورث أو جين يعتمد على ترتيب القواعد الأربعة. ويكفي أن نقول أن عدد جينات كل خلية يتراوح بين 50-100 ألف جين، وبالتالي لنا أن نتصور كم الصفات الوراثية، وكم الشفرات التي توجد داخل الجسم البشري، إذا كان كل جين أو مجموعة جينات تحمل صفة بعينها.
ويتحكم الجين في الصفة الوراثية من خلال تحكمه في عمليات التفاعل الكيميائي داخل الخلية. ويعني هذا أن الصفة الوراثية تتحول في النهاية إلى عملية تفاعل كيميائي، حيث يتحكم الجين في إنتاج الإنزيمات اللازمة لجميع العمليات البيولوجية التي تحدث داخل الجسم. ولذلك فإن كل نوع من الخلايا التي تنتمي إلى جهاز معين يكون لها الجين الخاص بإنتاج الإنزيمات الضرورية لأداء وظيفة معينة كالهضم مثلاً، أو تكوين أصباغ لون الجلد، أو تكوين الهرمونات ... إلخ.
ويوجد داخل كل نواة جسم دقيق يعرف بإسم النوية Nucleulus، وهي عبارة عن تجمعات من الحمض النووي (رنا) أو R.N.A، وهو الحمض المسئول عن تخليق البروتين طبقا للشفرة التي يحملها. فهذا الحمض يقوم بدور الوسيط في قراءة الشفرة المكتوبة على جزيء حمض (الدنا) D.N.A، ثم يقوم بنقل هذه المعلومات وينطلق بها عبر سيتوبلازم الخلية ليصل إلى الريبوسومات التي تقوم بتخليق نوع البروتين وفقاً لطبيعة الرسالة القادمة إليها. وتشبه جزيئات الـ (R.N.A) جزيئات الـ (D.N.A) من حيث طبيعة التركيب، فهي تتكون من سلسلة طويلة من الوحدات البنائية المعروفة بإسم النيوكليوتيدات، وفيها يتكون كل نيوكليوتيد من ثلاثة وحدات هى السكر، والفوسفات، والقاعدة النيتروجينية. ومع ذلك توجد هناك أوجه اختلاف بين كل من الحمضين، ويمكن تلخيص أوجه الاختلاف هذه فيما يلي:
يحتوي حمض الرنا على سكر الريبوز، بينما يحتوي حمض الدنا على سكر اليوكسي ريبوز.
يتكون حمض الرنا (في أغلب الأجزاء) من شريط مفرد من النيوكليوتيدات، بينما يحتوي حمض الدنا على شريط مزدوج.
يختلف حمض الرنا عن حمض الدنا فيما يتعلق بطبيعة القواعد النيتروجينية الأربعة الموجودة في نيوكليوتيدات كل منهما. فعلىحين يحتوي الدنا على أدينين وجوانين وسيتوزين وثايمين، نجد الرنا يتكون من نفس القواعد مع وجود قاعدة اليوراسيل بدلاً من الثايمين، وهذه القاعدة هي التي ترتبط بالأدينين.
وجدير بالذكر أن كمية الدنا الموجودة بالخلايا تكاد تكون واحدة تقريبا في جميع الخلايا، مع الفارق في أن الخلايا الجسمية (الخلايا الخاصة بأجزاء الجسم) تحتوي على ضعف كمية الدنا الموجودة في الخلايا الجنسية (الخلايا الخاصة بنوع الفرد وهى الحيوان المنوي والبويضة). وذلك ببساطة لأن عدد الكروموسومات الموجودة في الخلية الجسمية (46 كروموسوماً) ضعف عدد الكروموسومات الموجودة في الخلية الجنسية (23 كروموسوماً).
وظائف الأحماض النووية:
قلنا أن الأحماض النووية تشكل المكون الوراثى للفرد، ويقوم كل نوع من هذه الأحماض بوظائف محددة في العمليات الوراثية، وانتقال الصفات. فالمعلومة الوراثية المختزنة في حمض (الدنا) تخدم غرضين أساسيين: الأول أنها مصدر المعلومات الهامة لتصنيع كل أنواع البروتين للخلية وللكائن الحي بشكل عام. والثاني أنها تعطي نسخة طبق الأصل من المعلومات الوراثية الخاصة بالخلية الأم، للخلايا الجديدة الناتجة من انقسام الخلية، ومن ثم فإنها تقوم في البداية بنسخ المعلومة لحمض (الرنا) ثم تعمل في المرحلة الثانية على تكرار المعلومة لجزيء (الدنا) الناتج. ويعني هذا أن كمية (الدنا) يجب أن تتضاعف لتعطي النسخة الثانية من المعلومات. وتسمى هذه العملية بعملية نسخ (الدنا)، وتتطلب وجود عدد من الإنزيمات والبروتينات في الخلية يسمح بعملية النسخ أو التضاعف.
أنواع حمض (R.NA):
على الرغم من أن حمض (الرنا) يتشابه إلى حد كبير مع حمض (الدنا) إلا أنه يختلف عنه في الوظائف. ففي حين نجد أن معظم جزيئات (الدنا) تحتوي على معلومات وراثية، نجد بعضها الآخر لا يحتوي على هذه المعلومات، أي أنها جزيئات لا تمثل شفرة بالنسبة للخلية، وقد تكون وظيفتها في هذه الحالة الحفاظ على تركيب الكروموسومات.
وإذا كانت المعلومات الوراثية هامة بالنسبة لتصنيع بروتين الخلايا، فإن عملية التصنيع هذه تتطلب وجود أنواع معينة من حمض (الرنا) نعرضها فيما يلي:
1- الحمض الرسول:
ويُعرف حمض الرسول Messenger R.N.A اختصارا باسم (mR.N.A)، ويتم بناؤه في النواة، ويوجد في بداية كل جزيء منه موقع إرتباطه بالريبوسوم، ومن ثم فهو ينتقل من النواة إلى الريبوسومات الموجودة على سطح الشبكة الإندوبلازمية ليدخل في عملية تصنيع البروتين، وكأنه بهذا المعنى ينتقل عبر السيتوبلازم حاملا رسالته ليشارك في تخليق البروتين. ولذا يقوم هذا النوع من الحمض بدور الوسيط الذي يقوم بفك الشفرة المكتوبة على جزيء (D.N.A) ثم يقوم بنقل هذه المعلومات من النواة إلى الريبوسومات.
2- الحمض الناقل:
ويعرف الحمض الناقل Transfere R.N.A اختصارا باسم (tR.N.A) ويدخل أيضاً في عملية بناء البروتين، ويتلخص دوره في نقل الأحماض الأمينية (المكونات الأساسية للبروتين) إلى الريبوسومات التي تستخدمها بعد ذلك في تصنيع البروتين. ويوجد من هذا الحمض أنواع عديدة إذ أن لكل حمض أميني (عشرون نوعاً) نوع خاص من (tR.N.A)، هو المسئول عن التعرف عليه، ونقله إلى الريبوسومات.
3- الحمض الريبوسومي:
النوع الثالث من أحماض (R.N.A) يسمى بحمض الريبوسوم Ribosome R.N.A ، ويعرف اختصاراً بإسم (rR.N.A). وكما يشير الاسم فهذا الحمض يدخل في بناء الريبوسومات، التي تتكون أساساً في نوية النواة. ويتم بناء البروتينات الداخلة في تركيب الريبوسومات في السيتوبلازم، ثم تنتقل هذه البروتينات إلى النواة عبر الغشاء النووي، حيث يتم تكوين الحمض النووي الريبوسومي، الذي ينتقل بعد ذلك إلى سطح الشبكة الإندوبلازمية مكوناً الريبوسومات.
وبعد .... فإنه يتضح لنا من خلال ما تناولناه في تركيب الخلية أن ما يحدث داخل الخلية الواحدة إنما هو صورة مصغرة لكل ما يحدث في بقية أجزاء الجسم، ويتضح لنا أيضاً أن هذه الوحدة الأساسية لبناء الكائن الحي تحمل داخلها كل العناصر المطلوبة للحياة، وأن نشاطها هو أساس نشاط الكائن الحي. وكما سبق وذكرنا فإن تجمع الخلايا معاً يعطي نسيجاً، وتجمع الأنسجة معاً يُعطي عضواً، وتجمع الأعضاء يعطى كائناً حياً. ونشاط هذا الكائن الحي ما هو إلا تجمع نشاط خلاياه التي تعد الواحدة منها عالماً فريداً قائماً بذاته.
انقسام الخلية، وعمليات التكاثر :
بعد أن تناولنا تركيب الخلية يبقى لنا أن نشير إلى عمليات الانقسام والتكاثر التي تمر بها الخلية واللازمة لعمليات النمو. والحقيقة أن عمليات التكاثر التي تتم داخل الجسم تتم على مستويين ينتج من كل منهما نوعان مختلفان من الخلايا، ولا نقصد بالاختلاف هنا اختلاف التركيب، إذ أن كل خلايا الجسم - كما ذكرنا من قبل - تتشابه في التركيب، وتختلف في الشكل والوظيفة. ولكن ما نقصده بالاختلاف يقتصر فقط على ما تحتويه الخلايا من عدد الكروموسومات. ويوجد بالجسم - وفق هذا البعد - نوعان من الخلايا هما : الخلايا الجسمية، والخلايا الجنسية.
1. الخلايا الجسمية: ويقصد بها الخلايا التي تتكون منها أعضاء الجسم المختلفة، ويؤدي تكاثرها إلى نمو الجسم سواء كان ذلك في الجنين، أو بعد الولادة وأثناء نمو الفرد. وتنتج هذه الخلايا من عملية انقسام الخلية بنوع من الانقسام يسمى الانقسام الميتوزي Mitosis أو الانقسام الخيطي، أو الانقسام غير المباشر. وتحتوي هذه الخلايا على العدد الكامل لكروموسومات الجسم (46كروموسوماً). وسوف نتعرف على طبيعة هذا النوع من الانقسام لاحقاً.
2. الخلايا الجنسية: ويقصد بها الخلايا التي تتكون منها أعضاء التناسل الأساسية، أو ما يعرف بالمناسل (الخصيتين، والمبيضين) وهي الخلايا المسئولة عن تحديد نوع جنس الفرد، ويكون عدد الكروموسومات فيها نصف عدد الكروموسومات الموجودة في الخلية الجسمية (23 كروموسوماً). وهذه الخلايا هي الحيوان المنوي Sperm عند الذكر، والذي ينتج من عملية انقسام خلايا الخصية، والبويضة Ovum وتنتج من انقسام خلايا المبيض. وهذا الانقسام يسمى بالانقسام الميوزي Miosis أو الانقسام المنصف، أو الاختزالي، نظراً لأنه ينصف أن يختزل عدد الكروموسومات الناتجة من انقسام الخلية الأم.
عمليات الانقسام:
قلنا أن كلاً من الخلايا الجسمية والخلايا الجنسية ينشأ عن نوع مختلف من الانقسام، ويمكن أن نستعرض هذين النوعين فيما يلي:
1. الانقسام الميتوزي: وهو الانقسام الذي يحدث في الخلايا الجسمية فقط، ويؤدي إلى نمو الجسم، وتكاثر خلاياه، ويسمى هذا التكاثر بالتكاثر اللاجنسي. وتكون الخلايا الناتجة منه متماثلة في عدد الكروموسومات للخلية الأصلية التي بدأ فيها الانقسام، كما تتماثل هذه الخلايا معها في التركيب والوظيفة، بمعنى أنها لها نفس الإمكانيات الوراثية، وتقوم بنفس وظيفة الخلية الناشئة عنها. فإذا كان الخلية الأم خلية خاصة بالجهاز الهضمي مثلاً كانت الخلية الجديدة أيضاً بنفس تركيب الخلية الهضمية، وتقوم بنفس وظائفها. بمعنى آخر فهو يهدف إلى توصيل الجينات بدقة بالغة إلى كل خلية جسمية منذ تكوين الجنين، وحتى تكوين الجسم كله. وعادة ما يكون هذا الانقسام سريعاً (عدة ساعات).
2- الانقسام الميوزي: وهو الانقسام الذي يحدث في المناسل (أعضاء التناسل) كالخصيتين والمبيضين، وذلك بهدف إنتاج ما يعرف بالأمشاج أو الجاميتات Gamets (الحيوان المنوي أو البويضة) المسئولة عن التكاثر الجنسي. ويكون عدد الكروموسومات في الخلايا الناتجة نصف عددها في الخلية الأصلية (23 كروموسوماً). وهو المسئول عن تضاعف خلايا الخصيتين والمبيضين فقط. ونظراً لأن عدد الكروموسومات يختلف في الخلايا الناتجة عن الخلية الأم، فإن التركيب الوراثي لهذه الخلايا يكون مختلفاً، ومن ثم تختلف صفات الكائن الجديد لتغير الكروموسومات عشوائياً عند توزيعها.
وجدير بالذكر أن عمليات الانقسام السابقة بنوعيها تتم على مجموعة من المراحل، التي تختلف نسبياً في كل نوع عن الآخر، ولسنا بصدد تناولها بالتفصيل، ولكن نختصر الأمر فنقول أن العملية تبدأ عادةً بتفكك الشبكة الكروماتينية الموجودة في نواة الخلية، ثم تصطف كروموسومات الخلية، وتنشق إلى نصفين (كروماتيدين) من منطقة السنترومير، وتتجه إلى قطبي الخلية على هيئة المغزل، ثم ينقسم السيتوبلازم في النهاية لتتكون خليتان جديدتان، يحتوي كل منهما على المكونات الأساسية للخلية، مع اختلاف عدد الكروموسومات تبعاً لطبيعة ونوع الانقسام كما ذكرنا من قبل.
[/right][center][/justify]
2013-09-20, 1:05 pm من طرف بنت أغراء
» علاج تساقط الشعر2
2013-09-20, 12:52 pm من طرف بنت أغراء
» ........عبرة........
2013-09-20, 12:50 pm من طرف بنت أغراء
» رياضة المشي تغذي الدماغ.
2013-09-20, 12:43 pm من طرف بنت أغراء
» مفاجأه..
2013-09-20, 12:42 pm من طرف بنت أغراء
» اكتشاف كوكب يتوافر فيه الماس كالتراب على الأرض
2013-09-20, 12:41 pm من طرف بنت أغراء
» Insatiable
2013-09-20, 12:40 pm من طرف بنت أغراء
» بسرعة ادحلو على المنتدى أحلى مسابقة
2013-09-20, 12:37 pm من طرف بنت أغراء
» موقع للجلب معلومات عن اي شخص
2012-08-27, 8:41 am من طرف daloul20
» مسجات حركشة
2012-07-28, 7:30 pm من طرف said
» مفاهيم خاصة عند البنات..في المدارس
2012-02-24, 7:13 pm من طرف sham